بقلم محمد أبو زهرة/ أبو إياد
نائب الأمين العام للحركة
(مجلة فتح – العدد 762)
شهدت السنتين الأخيرتين تزايداً في وتيرة مقاومة شعبنا ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه، حيث شهد العام الحالي مقتل 35 صهيونياً وهو أعلى رقم لخسائر العدو في عام واحد منذ عام 2005، ، فقد دخلت الضفة الغربية ميدان الصراع كجبهة قتال أساسية ضد الاحتلال جعلته يدرك تماماً بأن الأمن والقوة العسكرية لن يمنحاه الاستقرار والهدوء، بسبب تصاعد الكفاح المسلح والفعل الثوري الفلسطيني في ظل الإشكالات الداخلية للكيان بفعل التعديلات القضائية وتباين وجهات النظر في حكومة المتطرفين الصهاينة حيث يرى التيار الاستيطاني الديني أن الاستيطان في الضفة الغربية والعمل لضمها هو مشروعه المركزي والطرف الآخر يدرك أن وجود سلطة فلسطينية مستقرة ومسيطرة هو في مصلحة «إسرائيل» الإستراتيجية وأن أي بديل آخر في هذا الوقت من شأنه أن يضر بمصالح «إسرائيل» الأساسية واستقرارها في المنطقة، إن استقرار السلطة الفلسطينية وتحسين أدائها ضروريان لاستقرار الأجهزة الأمنية كشرط لاستمرار التعاون الأمني ولضمان قدرة السلطة على إدارة الحياة اليومية للسكان، ويأتي موقف السلطة منسجماً مع هذه الرؤية الصهيونية وخاصة بعد عملية جنين وقيامها باعتقال المئات من سرايا القدس وغيرها من الفصائل الفلسطينية انسجاماً مع تصريحات رئيس الكيان بشأن الحاجة إلى سلطة فلسطينية قوية وفعالة، بالإضافة إلى قرار المجلس الوزاري الأمني المصغر باتخاذ الإجراءات لتعزيز السلطة ومنع انهيارها.
أما شعبنا الفلسطيني ومقاومته الذين تعرضوا للحروب وللاغتيالات والاعتقالات والعمليات الواسعة في الضفة كل ذلك لم يضعف الفعل النضالي الفلسطيني المتنامي عددياً والمتسع جغرافيا ونوعياً وخاصة بعد عملية حوارة وعملية الخليل البطوليتين حيث بدأ العدو يفكر في تنفيذ عمليات اغتيال للقيادات الفلسطينية في الخارج للخروج من المأزق، ولقد حذرت المقاومة أن ردها على أية جريمة اغتيال سيكون غير مسبوق، وأن محاولة صنع معادلات عبر اغتيال لقادة أو عناصر من المقاومة قد تكون الشرارة التي ستشعل معركة كبيرة، وأن عملياتها ستتواصل بغض النظر عن التهديدات «الإسرائيلية» وأن معركة المواجهة للاحتلال ستكون على رأس أولويات الشعب الفلسطيني وفصائله خلال الفترة الحالية.
تتغير المعادلات كل يوم لمصلحة المقاومة وحلفاؤها ضد هذا الاحتلال لأنها تزداد صلابة وقوة مما سيجبر العدو على التراجع خطوات كبيرة، وسيفشل أمام عزيمة شبعنا واستعداده للتضحية، إن العدو يعيش اليوم مأزقه الوجودي ولن يستطيع الخروج منه ولن يكون أمامه سوى الرحيل وترك فلسطين لأهلها وأصحابها.
وفي ظل هذه الأوضاع تتزايد الضغوط الأمريكية على كل من فلسطين وسورية ولبنان لتحقيق انجازات تغطي فشلهم في مناطق أخرى، ففي سورية تعمل أمريكا على تشديد العقوبات والحصار عليها والضغط السياسي على بعض الدول العربية لمنع تقاربها مع سورية، مترافقاً ذلك مع تعزيز العمل الأمني والعسكري على طول الحدود السورية الأردنية والعراقية والتركية، وتوسيع التنسيق بين الجماعات الكردية الانفصالية ومجوعات معارضة في منطقة السويداء لدفع أبناء المحافظة إلى مغامرة خطيرة لإقامة حكم ذاتي على غرار ما يقوم به الأكراد شرقي الفرات، مع فتح المجال لمجموعات داعش لتنفيذ مزيد من الأعمال الوحشية في البادية السورية وعلى الحدود مع العراق، وفي الوقت نفسه تحاول الولايات المتحدة تشجيع الجماعات المسلحة الحليفة لها في شرق سورية على توسيع نفوذها والقيام بحملات عسكرية تستهدف إقفال الحدود مع العراق، وقد اكد السيد حسن نصر الله أنه لن يسمح بذلك، وقام الحشد الشعبي العراقي بتعزيز مواقعه على الحدود.
أما في لبنان فتسعى الولايات المتحدة إلى خلق مناخات للضغط على الوجود الفلسطيني في لبنان وخلق بؤر توتر كما حصل في مخيم عين الحلوة ومحاولة فرض الأمر الواقع في جنوب لبنان من خلال مشروع التجديد لولاية القوات الدولية وكل ذلك لتحقيق مصالح «إسرائيل» التي تعتبر لبنان المقر الأساسي لقيادة العمل الفلسطيني الذي يقود عمليات المقاومة في الضفة الغربية، أما بالنسبة لمحاولة لجوء العدو إلى تنفيذ تهديدات باغتيال قيادات فلسطينية في لبنان فلقد جاء الرد على لسان السيد حسن نصر الله بأن المقاومة الإسلامية سترد بقوة وبشكل مؤكد على أي عمل من هذا النوع ما يفتح الباب أمام تدحرج الأمور صوب حرب واسعة.
أما قادة العدو فلقد بدأوا يدركون المخاطر التي تواجه كيانهم المزعوم حيث يقول ليبرمان: هناك فقدان للسيطرة في «إسرائيل» التي تنهار اقتصادياً أيضاً وتعاني من نقص في الجنود على صعيد الخدمة المدنية والعسكرية، وأضاف: ننجرف إلى صراع داخلي غير مسبوق مع التزام نتنياهو بقانون قاس للتهرب من الخدمة العسكرية، وقال: إن «إسرائيل» لم تشهد مثل هذا الانهيار من الداخل والعزلة من الخارج على الإطلاق.
على الرغم من إجراءات العدو شعبنا ووجوده أو استباحة المسجد الأقصى وتقسيمه مكانياً أو الاغتيالات، فإن هذا سيؤدي إلى حرب إقليمية لأنه قد أصبح لدى محور المقاومة من الجاهزية والإمكانات والأسباب والإرادة لمصلحة خوض مثل هذه الحرب وأفضل النماذج وأكثرها جدوى عندنا في الضفة الغربية هي المواجهة المباشرة والفورية مع المستوطنين وجيش الاحتلال وهذا يتطلب توسيع قاعدة العمل المقاوم وتطوير الأهداف والوسائل لهزيمة هذا المشروع المعادي وانجاز النصر والتحرير لأرضنا الفلسطينية كاملة وعودة شعبنا إلى مدنه وقراه، وإنهاء هذا الاحتلال إلى غير رجعة.