السيد حسن نصر الله في خطابي ذكرى انتصار تموز والتحرير الثاني: إذا ذهب العدو الى الحرب مع لبنان سيعود إلى العصر الحجري يجب أن يعترف العدو بأنه في مأزق تاريخي ووجودي واستراتيجي ولن يجد مخرجًا لذلك

 (مجلة فتح – العدد 762)

ميزان الردع الذي نشأ بين حزب الله و الصهيوني هو نتيجة تطوير قواعد اللعبة التي تمّ ترسيخها على مدى سنوات عديدة، ويبدو أن حزب الله يسعى اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لتحدّي الكيان وتوسيع حدود معادلة الردع.

في الآونة الأخيرة، أظهر حزب الله ثقة متزايدة بنفسه وأظهر جرأة متزايدة ضد الكيان وقد تجلّى ذلك في الحملة التي قادها مع إنجاز اتفاقية الغاز بين لبنان والكيان وفي ما ينسبه الكيان إليه من محاولة الهجوم على مفترق مجدو في آذار 2023، وإتاحة إطلاق صواريخ كاتيوشا من قبل التنظيمات الفلسطينية من جنوب لبنان تجاه الكيان وزيادة الاحتكاك مع جيش العدو على طول الحدود الفلسطينية اللبنانية. ويبدو أن حزب الله يرى فرصة سانحة لتغيير ميزان الردع بينه وبين الكيان لصالحه، ويسعى لفرضها.

وقد تلقّت معادلة الردع الاستراتيجي التي فرضتها المقاومة في لبنان على العدو الصهيوني قوة دفع هائلة مع تهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب ذكرى نصر تموز(14/8 ) بإعادة «الإسرائيليين» إلى العصر الحجري. أهمية هذا التهديد ليست في عبارته التي جاءت رداً على عبارة مماثلة هدّد بها وزير الحرب الصهيزني يوآف غالانت لبنان، وإنما بمضامينه ورسائله الكثيرة، إذ إن نصرالله كشف ضمناً، عن حجم القدرات الدقيقة التي تمتلكها المقاومة بما يجعلها قادرة على استهداف كل منشآت العدو الاستراتيجية على كامل تراب فلسطين المحتلة، وعلى تجاوز كل منظوماته الاعتراضية. المؤكّد أن الثقة والحزم اللذين أظهرهما نصرالله ستكون لهما تداعياتهما المؤثّرة لدى كل جهات التقدير والقرار في كيان العدو، خصوصاً أن الرسائل التي تضمنها خطابه تُعدّ من أهم المتغيّرات الكفيلة بقلب طاولة القرار السياسي والأمني، بعدما ارتقت معادلة الردع إلى أن أيّ مغامرة عسكرية في مواجهة حزب الله تساوي وجود الكيان، ما يقوّض مداميكه الاستراتيجية ويقلّص حدود ردعه ويكبح خياراته العدوانية.

بيّن السيد نصر الله في خطابه أن «وضعية الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني كانت قبل حرب تموز 2006 غالبًا بمنأى عن كلّ الحروب، لكن المقاومة في 2006 جعلت هذه الجبهة الصهيونية جزءًا من الحرب، وبعد 2006 أضاف الصهاينة عنصرًا رابعًا للعقيدة الأمنية المتمثل بالدفاع والحماية»، وأضاف «العدو انتقل من الهجوم ومن كونه صاحب المبادرة الى أن يكون في موقع الدفاع»، معتبرًا أن الأهم في الجبهة الداخلية هو عدم استعداد مستوطني ومستعمري ومحتلي هذه الأرض للتضحية وتحمل التبعات.

وقد أكد السيد نصر الله أن محور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة و«إسرائيل» اليوم تختبئ خلف الجدران، والجيش «الإسرائيلي» اليوم في أسوأ حال نسبة لأي زمن مضى، وهو يعاني من ضعف الروح القتالية وانعدام الثقة بين العناصر والقادة ومع المستوى السياسي وضعف الإقبال على الوحدات القتالية وغياب الإنجازات البرية ومحاولة الاقتحام الفاشلة في غزة شاهدة على ذلك.

وأكد السيد نصر الله أن العدو «الإسرائيلي» اليوم هو أضعف بكثير مما كان عليه، والمقاومة ومحورها اليوم أقوى بكثير مما كانا عليه، مشددًا على أنه إذا تطورت المعركة إلى معركة مع محور المقاومة فلن يبقى شيء اسمه «إسرائيل».

كما لفت السيد نصر الله إلى أنه على «قادة العدو أن يعرفوا أنه هنا في هذا الميدان وهذه الساحة أن يلعبوا لعبة وجود وفناء وليس لعبة نقاط»، قائلاً: «إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان أنتم ستعودون إلى العصر الحجري».

وفي خطاب آخر بذكرى التحرير الثاني قال سماحة السيد حسن نصر الله: «يُقال دائمًا أن الصهيوني يدرس تجاربه، لكن يبدو أن هذا الكلام لا ينطبق حاليًا لا على كيان العدو ولا على جيشه، ومنذ العام 1982 حتى اليوم بقي العدو الإسرائيلي يصوّر أن الذين يقاتلون في لبنان يطبّقون خطة ايرانية لكن هو غافل أن الشعب اللبناني يقاتل بإرادة لبنانية لتحرير أرضه»، مشيرًا إلى أنّ «الإسرائيليين غافلون أيضًا عن أن المقاومة في الضفة الغربية هي إرادة الشعب الفلسطيني وأن هذا الشعب يقاتلهم منذ 75 عامًا أي قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، إذ أنه أمام تصاعد المقاومة في الضفة الغربية والعجزالإسرائيلي هرب بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة العدو) إلى تصوير ما يجري في الضفة كخطة إيرانية».

السيد نصر الله جدد التأكيد بأنّ أيّ اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيًا او فلسطينيًا أو سوريًا أو إيرانيًا أو غيرهم سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات ولن نقبل على الاطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة.

وشدّد السيد نصر الله على أنّ (هذه التهديدات لا تجعل المقاومة تتراجع، لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيضعف المقاومة، بل سيزيدها عنادًا وعزمًا)، وتساءل (هل استطاعت الاغتيالات أن تهزّ من إرادة المقاومة بل دفعت للمزيد من الحضور في الميدان والأمل بالانتصار وهذا ما حصل مع كل المقاومين في منطقتنا؟).

وأكد السيد نصر الله أنّه يجب أن يعترف العدو بأنه في مأزق تاريخي ووجودي واستراتيجي ولن يجد مخرجًا لذلك.

ترسانة «ثأر الله».. تهديد مباشر للاحتلال الصهيوني

للمرة الأولى كشف حزب الله المقاومة الاسلامية في لبنان هذا النوع من منصة مزدوجة لمنظومة «ثأر الله» للصواريخ الموجهة، ضمن مشاهد عرضها الاعلام الحربي للحزب، خلال تدريبات على السلاح ضد الدروع التي يستخدمها العدو الصهيوني.

الكشف عن هذه المنظومة يعد رسالة في التوقيت وخاصة عشية ذكرى انتصار حرب تموز، إذ إن حزب الله عادة لا يكشف دائماً عن اسلحته امام الاحتلال الصهيوني، لكنه يختار من حين لآخر الوقت والنوع الذي يقتضي للكشف عن اسلحته، لأهداف عديدة ورسالة ليزداد الاحتلال رعباً بعد الدراسات الصهيونية التي قالت ان الكيان الصهيوني يعاني صعوبة للقيام بحرب مع المقاومة.

هذا النوع من السلاح، والذي يتمثل بمنصة متطورة فعالة مضادة للدروع كانت من قبل تحمل على الكتف، تصدى خلالها حزب الله لدبابات ميركافا فخر الصناعة الصهيونية وغيرها في حزب تموز، اضافة الى عبوات ناسفة كان عناصر حزب الله يلصقها تحت الدبابة «الإسرائيلية» بشجاعة هائلة.

المنظومة وفقا لما كشف عنه الحزب تتألف من منصتي إطلاق تتمتع بدقة إصابة الأهداف بشكل هائل بتوقيت متزامن وتدميرها، وتمتاز بمرونة الحركة حيث يمكن نقلها بسهولة في المعركة. في الواقع لا يعلم الصهيوني بالضبط ما يمكن ان تفاجئه المقاومة اللبنانية في اي عدوان على لبنان، فعندما كشف حزب الله عن منظومة «ثار الله» للصواريخ الموجهة، عشية ذكرى انتصار حرب تموز، من اجل نقل رسائل سياسية ذات طابع ميداني لها علاقة بتهديدات يطلقها قادة الاحتلال في ظل هذه الظروف مع تصاعد بعض الاحداث الميدانية على حدود فلسطين الشمالية، اضافة الى هشاشة الواقع الداخلي الصهيوني.

عن علي محمد

مدير التحرير

شاهد أيضاً

العالم يتغير

موفق محادين العالم الذي نعيشه اليوم يتغيّر، ليس انطلاقاً من رغبات أو إقحامات أيديولوجية، بل …

آخر الأخبار