(مجلة فتح العدد – 761)
بقلم محمد أبو زهرة/ أبو إياد /عضو اللجنة المركزية -مسؤول دائرة الإعلام والدراسات
خاض شعبنا ومقاومته خلال السنوات القليلة الماضية معارك للدفاع عن أرضه وسيادته في مواجهة أعتى احتلال صهيوني، فكانت معارك سيف القدس ووحدة الساحات وثأر الأحرار، التي غطت فيها صواريخ المقاومة في غزة معظم الأراضي المحتلة موقعة الخسائر المادية والمعنوية في صفوف قوات العدو ومستوطنيه الذين اضطروا للهجرة المعاكسة بسبب فقدان الاستقرار والأمن أمام شعب عنيد مصمم على تحرير وطنه، ثم جاءت عمليات الضفة الغربية لتشكل التحدي الأكبر لأمن العدوّ الذي يحاول مستوطنوه نهب الأرض الفلسطينية وحمل السلاح لترهيب أبناء شعبنا مدعوماً من حكومة العدو المتطرفة التي معظم أعضائها يطالب بضرورة السيطرة العسكرية المباشرة على جميع مناطق الضفة وضم أراضيها وتفكيك السلطة الفلسطينية في مواجهة النظرة الأخرى لبعض أعضاء الحكومة الصهيونية التي تدعو إلى تعزيز الأمن والسيطرة في مناطق G،B والمحافظة على السلطة الفلسطينية لكونها تقوم بدورها في خدمة الاحتلال وتثبيت التنسيق الأمني، والتركيز على كبح جماح إيران النووية وتقوية العلاقات مع السعودية، ومن أجل خدمة هذه الأهداف كانت العملية العسكرية الصهيونية ضد مخيم جنين في مطلع شهر تموز الحالي في محاولة للقضاء على البنية التحتية للمقاومة في المخيم الذي أصبح موقعاً محصناً واقتحامه يتسم بالمجازفة، فقد انطلقت من هذا المخيم العديد من الهجمات على مواقع الاحتلال ومستوطناته وعلى الطرق التي يستخدمها خاصة بعد امتلاك المقاومين للعبوات الناسفة ومحاولات إنتاج الصورايخ.
لقد استخدم العدو في هذه العملية آلاف الجنود وطائرات الهيلوكبتر والطائرات المسيرة والآليات المصفحة والجرافات، وكانت إنجازات العدو ضعيفة خاصة على صعيد تحقيق أهدافها بقتل أو اعتقال عناصر كتيبة جنين الأبطال خلال يومين أو ثلاثة حسب الخطة الموضوعة وذلك تجنباً لعدم فقدان ميزة المفاجأة والمناورة وخوفاً أن تتحول قواته إلى أهداف للمقاومين، وتجنباً لاحتمال تمدد المعركة إلى ساحات أخرى كصواريخ غزة أو خشية من العمليات الفدائية التي تأتي رداً على جرائم العدو، فكانت عملية تل أبيب وغيرها التي شكلت تحدياً خطيراً للكيان.
لقد ترافق تصاعد المقاومة في الضفة مع المواجهات الداخلية بين مستوطنيه نتيجة الانقلاب القانوني وتعاظم المظاهرات المنددة بهذا الانقلاب بل وفي تخلف الجنود عن الالتحاق بمواقعهم وامتناع بعض الطيارين عن التدريب والعمل، ومن أجل التخلي عن هذه العملية الضارة وعدم القدرة على تعميمها على شمال الضفة وخاصة ضد المقاومين في مدينتي نابلس وطولكرم لجأ العدو إلى فكرة دعم السلطة الفلسطينية والسماح لها بفرض الأمن والسيطرة على جنين مقابل وقف العمليات مؤقتاً.
واهم من يعتقد أن مقاومة شعبنا قد تضعف أو تتوقف، حيث شهدنا مؤخراً عملية جديدة ضد المستوطنين شرق بيت لحم يصاب فيها مستوطن بجراح خطيرة وآخر بجراح متوسطة بالإضافة إلى عشرات العمليات من إطلاق النار ضد مواقع العدو على امتداد الضفة الغربية، أدخلت قضيتنا الوطنية مرحلة جديدة باتت تتطلب بناء إستراتيجية كفاحية تستجيب لتحديات المرحلة وتشكل الرد الوطني على المشروع المعادي.
وحتى لا يترك الشعب الفلسطيني وحيداً في معركة المواجهة مع المحتلين، أقام حزب الله بؤرة توتر في مزارع شبعا تحت ظلال تلك الخيمة التي يشغلها مقاتلون من حزب الله، حيث يهدف الحزب إلى تغيير قواعد الاشتباك القائمة ويؤسس لمرحلة احتدام مفتوحة على كل الاحتمالات، وانسجاماً مع خطة التصعيد والمواجهة التي أقرها الحزب وتجسدت في إطلاق 34 صاروخاً سقطت على الأراضي المحتلة في شهر نيسان وبعدها بأقل من شهر كانت المناورة العسكرية الأضخم للوحدات القتالية للحزب في قاعدة عرمتي في مناورة تحاكي اقتحاماً لمنطقة الجليل الأعلى، وجاءت محاولة العدو للسيطرة على الجزء الشمالي من بلدة الفجر وهو أرض لبنانية حيث كان موقف الجيش اللبناني وإجراءاته الميدانية في إطار التكامل بين الجيش والمقاومة.
لقد أعلن السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير أن الحزب لن يسكت عن هذا الضم وأن على الدولة اللبنانية التحرك، حيث استخدم الكيان أسلوب تقديم الشكاوي للأمم المتحدة على تصرفات حزب الله محاولاً تجنب الصدام وفي تبرير لضعف جيشه أمام حزب الله وبأنه أراد تفويت الفرصة على حزب الله الذي لا يريد الذهاب نحو حرب شاملة ولكنه مستعد للمخاطرة بأيام قتالية لأن لحزب لا يقبل بإعادة تكريس احتلال أرض لبنانية مهما كان حجمها، خاصة أنه يريد شد أزر المقاومين الفلسطينيين في الضفة الذين انطلقوا في جولة مواجهة جديدة مع قوات الاحتلال، في ظل تأكل قوة الردع الصهيونية.
المجد للمقاومين الذين صنعوا هذه ا لانتصارات من غزة إلى جنين وجنوب لبنان.
وإنها لثورة حتى النصر