(مجلة فتح العدد – 761)
ذكرت صحيفة «ماكور ريشون» العبرية، إن جنين مازالت عاصمة العمليات المسلحة التي تنفذ ضد المستوطنين وجنود الجيش «الإسرائيلي» في شمال الضفة الغربية.
وقال «يوحاي عوفر»الخبير العسكري «الإسرائيلي» في الصحيفة أن «جنين ما زالت عاصمة العمليات المسلحة، لأن العمليات الأخيرة ذكّرت المؤسسة الأمنية كم أن هذه المدينة والمخيم قابلة للانفجار وخطيرة، وجعلها تتحول إلى أحد الأهداف الأكثر سخونة للمؤسسة الأمنية».
ولفت الخبير العسكري إلى أنه «رغم التعزيزات الأمنية تنجح الفصائل المسلحة في كل مرة من الإفلات من قبضة الجيش الإسرائيلي، مدعيًا اننا ما زلنا في بداية الطريق، ولم ننته بعد من مهمة القضاء على الخلايا المسلحة».
وأضاف أنه فيما تواصل قوات الجيش «الإسرائيلي» عمليات الملاحقة للخلايا المسلحة، فإن العملية الحالية ثبت أن جنين من أخطر المناطق للجبهة الداخلية «الإسرائيلية».
وأشار إلى أن «جنين هي مصنع الإنتاج للخلايا العسكرية منذ الانتفاضة الثانية، من خلال العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، التي تحولت مع مرور الوقت لأحداث عادية لدى الإسرائيليين، ما أوقع في صفوفهم خسائر بشرية كبيرة».
عملية اقتحام جنين.. فاشلة من البداية للنهاية
حذرت صحيفة «هآرتس الإسرائيلية»، (3/7)، قبيل العملية العسكرية في جنين من أن العملية لن تحقق أهدافها كاملة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية.
ودعت «هآرتس« قادة أحزاب اليمين في حكومة الاحتلال «الإسرائيلي» ومناصريهم في الكنيست والمستوطنات، إلى «التقليل من توقعاتهم حول نتائج العملية العسكرية في جنين»
وبيّنت أن «كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية ليس لديهم أي أوهام بأن هذه العملية ستحدث تغييرًا جوهريًا في الواقع الأمني، وأن الهدف منها حاليًا توجيه ضربة للخلايا المسلحة تصعب من محاولاتهم لتنفيذ هجمات».
وعادت ذات الصحيفة العبرية ومع انسحاب الجيش الصهيوني من جنين لتكشف أنّ المسؤولين في المؤسسة الأمنية الصهيونية كانوا يعتقدون أنّه من الممكن إنهاء العملية في جنين صباح (4/7).
وبحسب الصحيفة، فإن جلسة تقييم الوضع الأمني التي جمعت المسؤولين الأمنيين بالمستوى السياسي «الإسرائيلي»، تقرر من خلالها تمديد العملية في مخيم جنين لفترة أطول؛ لتحقيق الإنجازات بضرب المزيد من المقاومين.
وأشارت تقديرات مؤسسة الاحتلال الأمنية إلى وجود نحو 300 مسلح في مخيم جنين شاركوا بعمليات إطلاق نار مختلفة، حدّد جهاز «الشاباك» 160 من بينهم كأهداف يجب الوصول إليها خلال العدوان، فيما تمكن الاحتلال من اعتقال 30 منهم، واستجواب 100 آخرين من سكان المخيم، وفق زعم الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن مؤسسة الاحتلال الأمنية، توقعت اعتقال عدد أكبر ممن تصفهم بـ«المطلوبين»، لكن ذلك لم يتحقق، موضحةً أنّ من اعتقلوا لا يعتبرون من وجهة نظر الاحتلال من قيادات الصف الأول.
جيش العدو يقر بالفشل
الناطق بلسان جيش الاحتلال غيل هغري، أقر أن العدوان العسكري على مدينة جنين ومخيمها شمال الضفة الغربية المحتلة لم يحقق الأهداف المرجوة، مشيراً إلى أنه لا توجد حلول سحرية لما أسماه «الإرهاب».
وقال، في حديث إذاعي الأربعاء(5/7)، إن المعلومات الاستخباراتية لم تكن كافية للوصول إلى جميع الأهداف في مخيم جنين، وأن الكثير من الخلايا المسلحة انسحبت خارج المخيم وبضمنها الخلية التي قتلت أحد المستوطنين قبل أسابيع جنوبي غرب جنين.
ووصف الناطق العملية بالمعقدة في بيئة معادية وأنه جرى خلالها اعتقال 300 فلسطيني يعتقد أن 30 منهم «مطلوبون ضمن أهداف العملية، بينما تم قتل 12 فلسطينيا في العملية».
ورداً على سؤال حول فشل الجيش في الوصول إلى منفذي عملية قتل المستوطن مئير تماري في العملية قرب مستوطنة «خرميش» قبل أكثر من شهر مع أنه وضعها كأحد أهداف عملية اجتياح جنين، قال الناطق إن عدم توفر معلومات استخباراتية حال دون الوصول إليهم.
وأضاف «للأسف لم تكن لدينا معلومات مسبقة حول مكان تواجدهم وفي النهاية سنصل لمن نفذ هذه العملية الفظيعة وندفعه الثمن، لا توجد حلول سحرية للإرهاب وسنضطر للعودة إلى جنين حال توفر معلومات محددة ودقيقة».
حرية مفقودة «للإسرائيليين» في الضفة
منذ مّدة يحذر ضباط في جيش الاحتلال من تزايد عمليات المقاومة في الضفة وتناميها، إذ نفذت المقاومة عمليات مكثفة خلال الفترة الماضية ناهيك عن الاشتباكات العنيفة، عقب تحذيرات مستمرة ضباط صهاينة من فقدان السيطرة «الإسرائيليّة» هناك، وحسب اعتراف رونين ملنيس، قائد قوات الاحتياط التابعة للكيان الصهيوني، بأن هذا الجيش فقد حرية العمل العسكري البري في شمال الضفة الغربية، ما أجبر الجيش على استخدام سلاح الجو في العمليات الأخيرة في محافظة جنين، وبالتالي اعتراف جديد من «إسرائيل» بهزيمتها الكبرى في الضفة الغربية، بالتزامن مع مجموعة كبيرة من الإجراءات من عمليات المقاومة الفلسطينيّة، نتيجة جرائم قوات الاحتلال الصهيوني، حيث أوضح محللون صهاينة أن العام الجديد سيسجل بالفعل أرقامًا قياسيّة في أعداد القتلى الصهاينة والعمليات الفدائية، كما أن المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة عمليات المقاومة المتصاعدة، بل بدأت قوات العدو تتخذ خطوات جديّة وإن كانت غير مؤثرة قلقاً من تطور الأمور بشكل مفاجئ كما حدث في الأشهر المنصرمة، وخاصة بعد أن أثبت المقاومون أنّهم قادرون على فرض معادلاتهم على العدو القاتل والسلطة الفلسطينية الخانعة.
والدليل على صحة أقوال اللواء الصهيونيّ هو الحملات «الإسرائيليّة» الفاشلة ضدّ المقاومين نتيجة أكثر من أمر أهمهما أنّهم غير منظمين بمقرات ومؤسسات محددة والآخر أنّهم منتشرون بكثرة في كل مناطق الضفة، ما يعني أن الكيان فشل في ضبط إيقاع الساحة الفلسطينيّة، فيما يعيش «مجتمعها» ترنحاً لم يشهده في وقت سابق في مواجهة المقاومة تماماً مثل حكوماته، فالعمليات المسلحة في المنطقة تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة، ولا مجال للعودة خطوة للوراء بالنسبة للأبطال والفدائيين الذين استطاعوا بما أوتوا من قوّة احتجاز «إسرائيل» ومستوطنيها كرهائن، لكن الخوف الأكبر بالنسبة لهم في هذا المرحلة، هو مما سيأتي بعد، ويتجسد ذلك في مواجهة جديدة لا تجيدها عصابات الاحتلال التي تسعى لإبادة شعب بأكمله وسلب أرضه بقوتها العسكريّة الاستعماريّة.
يتعامل جيش العدو الصهيوني –كما يقول- مع المقاومة الفلسطينية في الضفة بثلاث استراتيجيات: السيطرة على السكان، وفصل السكان عن النشطاء، والتمتع بحرية العمليات العسكرية، وقد طرح الجنرال الصهيوني هذا السؤال: «هل فقدنا هامش حرية العمل العسكري؟» الجواب نعم، واضاف ان «ما حدث مؤخرا في جنين هو تطور هائل من حيث كمية القوة النارية والمتفجرات التي يستخدمها الفلسطينيون وهذا ما اضطر الجيش لاستخدام القوة الجوية لانه لم يعد قادرا على القيام بعمليات برية»، معبرا أن «الحل لهذه المشكلة هو إعادة السيطرة الفعلية على السكان وحرية العمليات العسكرية»، مؤكداً أن ما يواجهه الجيش حاليا أصعب مما كان عليه في 2002 خلال عملية «السور الواقي» التي استولى خلالها على جميع مدن الضفة مرة أخرى.