بقلم أبو إياد أبو زهرة / نائب الأمين العام لشؤون العمليات
(مجلة فتح العدد – 761)
قبل العام 2006 كان التواجد الأمريكي في منطقتنا ضخم جدا، حيث كان يتواجد في العراق ( 150) الف جندي أمريكي بالإضافة الى(30) الف جندي في أفغانستان وكانت هذه الأعداد الكبيرة عامل قوة للكيان الصهيوني وفي نفس الوقت عامل تهديد لكل من سوريا وإيران وهما البلدين الاساسين في محور المقاومة وبالقرب من فلسطين . ولهذا أراد العدو انتهاز هذه الفرصة المناسبة خاصة بعد اندحاره من جنوب لبنان عام 2000 وانسجاما مع الرغبة الأمريكية في إنشاء الشرق الأوسط الجديدـ وأن يشن حربا خاطفه وبشكل مفاجئ على حزب الله لأحداث تغيير ديموغرافي في الجنوب وتدمير قدرات الحزب.
كان حزب الله يتابع هذا الوضع عن كثب فقرر تنفيذ عملية أسر الجنديين الصهاينة من أجل إرباك خطط العدو الذي كان يهدف إلى الدخول في عملية واسعه وليست محدودة، من أجل القضاء على حزب الله، لكن عملية الحزب أفسدت على العدو خططه وأجبرته على الدخول في الحرب كما أراد الحزب التوقيت لها، حيث شن العدو في الاسبوع الاول غارات جوية مكثفه على مواقع حزب الله على امتداد الأرض اللبنانية معتقدا انه قد تمكن من تدمير قدرات حزب الله.
لكن كان لحزب الله أساليبه الجديدة في هذه الحرب، حيث كان ينتقل في قصف مواقع العدو من مرحلة الى اخرى فكانت هناك مرحلة حيفا ثم مرحلة ما بعد حيفا وما بعد بعد حيفا . وكانت لخطة حزب الله المتدحرجة بالإضافة الى أهميتها العسكرية، أهميتها النفسية أيضا حيث كان العدو يواجه صعوبات متعددة في كل مرحله وفي مناطق جغرافية معينه في أرض فلسطين المحتلة. واذا كان العدو قد أعتقد انه قد قلل من قدرات حزب الله الى درجة الصفر بالعمليات الضخمه التي قام بها معتقدا انه لم يعد لدى الحزب إمكانية إطلاق الصواريخ ولم يتبق عنده شئ من هذه القدرات، كان حزب الله يرد في ذلك اليوم بإعداد أكبر من الصواريخ من اليوم السابق . لقد كان تكتيك حزب الله بخلاف الحروب التقليدية التي تقاتل على الحد الامامي كونه كان يقاتل في كل قرية ومدينة وشارع أشبه بحقل ألغام واسع لا توجد فيه نقطة فراغ امنه لذلك عجز العدو عن الدخول إلى المدن وتوجه نحو الوديان حيث نفذ مقاومو الحزب مجزرة بدبابات الميركافا.
لقد كانت إحدى مفاجآت هذه الحرب عندما أعلن السيد حسن نصرالله عن تدمير البارجة الحربين «الإسرائيلية» وقال : انظروا إليها وهي تحترق وستغرق، وهكذا تم تأمين الطريق الساحلي وانكفاء بوارج العدو نحو عرض البحر .
وكلنا يذكر تلك الرسالة التي وجهها المقاتلون في الخطوط الأمامية للسيد حسن وهم يواجهون العدو والابلغ من ذلك تلك الرسالة الجوابية للسيد نصر الله في تعزيز صمود المقاتلين حيث ترك ذلك تأثيراتها الكبيرة وأمد الجميع بالروح المعنوية العالية . ويشاء القدر أن تصاب مروحية صهيونية بصاروخ وتدمر بمن فيها . ثم بدأت صواريخ الكورنيت بتدمير دبابات العدو حيث تم تدمير سبع دبابات في يوم واحد. يمكن القول أن العد التنازلي لهزيمة العدو واندحاره قد بدأ منذ ذلك اليوم حيث تنازل العدو عن شروطه واضطر للموافقة على شروط حزب الله وقبول وقف إطلاق النار ليتحقق الانتصار الكبير لحزب الله.
لم يكن ذلك مجرد انتصار بل كان نقطة تحول أنهت احتمالات أي هجوم للكيان بعد ذلك على لبنان ولا تزال هذه المعادلة قائمة حتى اليوم .
لقد كان من نتائج هذه الحرب ترسيم الحدود البحرية لاحقا كما أرادها حزب الله وفرض على العدو عدم المساس بالخط الأزرق بل ووضع موقعا على تلال شبعا وكفر شويا مجبرا هذا العدو المردوع على تقديم شكوى للأمم المتحدة . اما سيطرة العدو على الجزء الشمالي اللبناني من بلدة الغجر فلن يسكت عنه حزب الله كما جاء على لسان سيد المقاومة .