أسعت حكومة الاحتلال الصهيوني، في الاجتماع الذي عقدته في نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، إلى تصعيد حربها الدينية على المسلمين، بإقرارها مضاعفة تمويل المشاريع الاستيطانية التهويدية والتي كان في مقدمتها مشروع «الحوض المقدس»، ليكون مشروعاً تهويديًّا مركزيًّا للكيان الصهيوني، إضافة إلى اعتمادها سلسلة قرارات خطيرة لمحاولة تكريس تهويد القدس المحتلة، في خطوة من شأنها تأجيج حالة الغضب والتصعيد في الحرب الدينية.
وإضافة إلى القرار السابق، فقد خصصت حكومة الاحتلال 30 مليون شيكل لمواصلة الحفريات في منطقة حي المغاربة وحائط البراق، بزعم البحث عن الآثار، عدا عن تشكيل لجنة وزارية تحمل اسم «القدس الكبرى»، مهمتها إحياء «القدس كعاصمة لإسرائيل».
إنَّ اجتماع حكومة الاحتلال وقراراتها، تؤكد الترجمة الحقيقية لإعلان الاحتلال حربه الدينية على القدس المحتلة والشعب الفلسطيني، وقرارات الاحتلال تؤكد أن القدس تشكل رأس أولويات المخططات التهويدية والاستيطانية في فلسطين، لأن الاحتلال يعتقد أنها خاصرة ضعيفة بإمكانه استباحتها بلا حسيب أو رقيب.
هذه القرارات ترجمة فعلية لقرار إعلان الحرب على القدس الذي اتخذته حكومة العدو اليمينية المتطرفة منذ تشكيلها، فقد تسابق وزراؤها إلى كيل التهديدات للقدس وأهلها ومقدساتها.
موازنات هدفها الحرب الدينية
حكومة الاحتلال دأبت على تخصيص جلستها الأسبوعية التالية للذكرى العبرية لتوحيد القدس لتخصيص ميزانيات لتهويد المدينة ولإقرار مشروعات فيها، إلى جانب قراراتها الأخرى، وقد سبق لها أن أقرت ميزانيات ومشروعات أكبر مما أقرته في الاجتماع المشابه في عام 2017 في الذكرى الخمسين لاستكمال احتلال المدينة
إن أهم ما جاء في اجتماع الحكومة الصهيونية في حفريات جوار المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب موازنة دعم الحفريات وتهويد جوار المسجد الأقصى، هو التركيز على الجانب الرمزي وعلى انعقاد الاجتماع في الأنفاق المجاورة للمسجد الأقصى.
وسعت حكومة الاحتلال في اجتماعها إلى حضور أعضاء الحكومة بكامل طاقمها تقريباً، والحرص على أخذ صورة تذكارية بعده، وهي إشارات رمزية كانت تختص بها الاجتماعات العشرية بالأساس، أي في 2007 وفي 2017، وهو تعبير عن مدى تعلق حكومة الصهيونية الدينية الحالية بمشروع تهويد القدس.
وتضمن الاجتماع المصادقة على تخصيص ميزانية ضخمة لتطوير مشروع ما يسمى «الحوض المقدس»، أحد أكبر مشاريع تزوير تاريخ القدس وأحيائها، والذي أقرته حكومة الاحتلال في تسعينيات القرن الماضي، حيث دشّن الاحتلال الصهيوني مشروعاً استيطانيًّا تهويديًّا أقر له ميزانيات مالية كبيرة، يسعى من خلالها إلى فرض واقع جديد في مدينة القدس المحتلة، محاولاً خنق المسجد الأقصى وفرض سيادته المزعومة عليه وعلى محيطه من البلدات والأحياء المقدسية عبر مشروعه التهويدي «الحوض المقدّس»
ومنذ الإعلان عن المشروع عام 1996م، وتنفيذ أجزاء منه، فإن الكيان يسعى إلى السيطرة على منطقة مقدسية تبلغ مساحتها نحو 2.5 كيلو متر مربع حول البلدة القديمة، حيث سيمر المشروع التهويدي بمناطق عدة أبرزها: منطقة وادي الربابة في بلدة سلوان، مرورًا بحيي البستان ووادي حلوة في البلدة، ثم نحو منطقة طنطور فرعون والمقابر اليهودية في سفوح جبل الزيتون.
المشروع الاستيطاني يضع القدس وبلدتها القديمة في مخاطر محدقة، أهمها محاولة ربط الاحتلال هذا المشروع بعقيدته المزعومة، ذلك سيؤدي إلى خسارة كبيرة للقدس ومعالمها الإسلامية في حال نفذ الاحتلال المشروع.
مزاعم وأساطير
إن القبور الواقعة في منطقة طنطور فرعون، ليس لها علاقة بالروايات التي أطلق مشروع «الحوض المقدس»من أجلها، لكنها أُقحمت في المشروع باعتبارها جزءا من التاريخ اليهودي، و«الأسطورة اليهودية» ومزاعم الاحتلال ترى بأن المقابر اليهودية في جبل الزيتون ترتبط بـ«الهيكل الثالث».
والهيكل الثالث، وفقاً لأساطير الاحتلال سيشهد نزول المسيح المنتظر وهو يحمله من السماء باتجاه جبل الزيتون وسيدخل به من باب الرحمة لإقامة الهيكل الثالث في المسجد، الأمر الذي سيؤدي إلى تهويد المكان الذي سيمّر به المشروع الاستيطاني بالكامل تمهيدا لإقامة الهيكل الثالث المزعوم.