مسيرة الأعلام التهويدية.. عندما يبحث الكيان الصهيوني عن سيادة مفقودة

“مسيرة الأعلام” التهويدية انطلقت عصر الخميس، في مدينة القدس بالتزامن مع انتشار مكثف لشرطة الاحتلال الصهيوني وقوات حرس الحدود لتأمينها.

وشارك في المسيرة الاستفزازية وزراء وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.

وتُثير هذه المسيرة التي ينظمها «الإسرائيليون» في ذكرى “توحيد القدس” التي يعتبرونها عاصمة دولتهم، غضب الفلسطينيين الذين يسعون إلى أن تكون شرق القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وسبقت المسيرة اقتحام 1262 مستوطنًا لباحات المسجد الأقصى المبارك، بحمايةٍ من شرطة الاحتلال الصهيوني التي أفرغت المسجد من المصلين، وأبعدت الشبّان عن مسار الاقتحامات، وسط إجراءات أمنية مُشددة.

وفي وقتٍ سابق، تجمّع آلاف المستوطنين أمام كنيس يهودي بمدينة القدس، قُبيل انطلاقهم نحو حائط البراق جنوب السور الغربي للمسجد الأقصى المبارك؛ وذلك تمهيدًا لِما تُسمى “مسيرة الأعلام” الاستيطانية.

وكانت جماعات “الهيكل” المتطرفة، أعلنت قبل أيام عزمها على اقتحام المسجد الأقصى ضمن فعالياتها المقامة خلال “مسيرة الأعلام”، وذلك عبر حشد 5 آلاف مستوطن متطرف.

وتخلل المسيرة الاستفزازية التي انتهت عند حائط البراق قبيل غروب الشمس، رقصٌ بالأعلام «الإسرائيلية»، وهتافات تُمجّد الاحتلال وتُسيء للفلسطينيين ورموزهم الدينية والوطنية، وإساءة لنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام.

كيف بدأت “مسيرة الأعلام”؟

تعود قصة “مسيرة الأعلام” إلى الذكرى السنوية الأولى لاحتلال مدينة القدس عام 1968، حيث نظم مستوطنون من اليمين المتطرف مبادرة فردية مسيرة جابوا فيها شوارع شرق المدينة وهم يحملون الأعلام «الإسرائيلية».

ومنذ ذلك الحين أخذت المسيرة طابعًا “وطنيًا” رسميًا لدى الاحتلال، حيث اعتُمد في تاريخ الثامن والعشرين من الشهر الثامن بالسنة العبرية موعدًا لتنظيمها، وهو اليوم الذي أتمت فيه “إسرائيل” احتلال ما تبقى من مدينة القدس عام 1967، ووافق يومها السابع من حزيران/ يونيو.

 

ويعد أتباع التيّارات الصهيونيّة اليمينية المتطرفة، هم نواة المسيرة الصلبة الذين يحشدون كل قواهم وامكاناتهم لجلب المستوطنين من مختلف الأماكن الاستيطانية للمشاركة فيها سنويًا، كما تتبع الجمعيات المشرفة على مسارها لذات الفكر.

بينما تشارك جهات «إسرائيلية» رسمية وحكومية في تمويل المسيرة الاستفزازية والترويج لها، مثل بلدية الاحتلال في القدس، ووزارات المعارف، والإسكان والتعليم.

وتبعًا للمصادر الإسرائيلية، فإن المسيرة التي تُعرف لديهم بـ “رقصة الأعلام” بدأت في السنوات الأولى بعشرات ثم مئات المستوطنين، إلى أن وصلت قبل عدة سنوات إلى حوالي 30 ألف مشارك؛ لإثبات “السيادة” الإسرائيلية الوهمية على القدس.

وهذا العام يوافق “يوم توحيد القدس” 19 مايو/ أيار (الجمعة )، لكنّ الجماعات الاستيطانية قررت الاحتفال قبل يومٍ من الموعد الرسمي (الخميس)؛ خوفًا من الاصطدام بالمصلين المسلمين في “الأقصى”، فهي تُخطط إلى ضمّ اقتحام المسجد ضمن تقاليد “مسيرة الأعلام” السنوية.

وعن مسارها تُشير المصادر التاريخية إلى أنّ المستوطنين قديمًا كانوا يقتحمون البلدة القديمة من جبهة باب الخليل وصولًا لساحة البراق، لكنّ مع مرور السنوات تغيّر المسار ليتسع طرقًا جديدة وأعدادًا أكبر.

ففي هذا العام كان لافتًا وجود مسارات جديدة للمسيرة، من بينها ما دعت إليه منظمة “عائدون إلى جبل الهيكل” لتنظيم مسيرة إضافية في البلدة القديمة، تنطلق من منطقة باب الأسباط وصولاً إلى باب المغاربة.

كما تم تحويل مسار المسيرة هذا العام لتدخل المسجد الأقصى من باب الأسباط لا المغاربة، في سابقة هي الأولى من نوعها إن حدثت، فالتجول بالرقصات والاحتفالات يتم عادةً حول أبواب “الأقصى” من الخارج فقط، لكنّ شرطة الاحتلال أعلنت مؤخرًا عدم موافقتها على ذلك.

ويتخلل المسيرة الاستفزازية التي تنتهي عند حائط البراق قبيل غروب الشمس، رقصٌ بالأعلام الإسرائيلية، وهتافات تُمجّد الاحتلال وتُسيء للفلسطينيين ورموزهم الدينية والوطنية، وفي كثيرٍ من الأحيان يُساء لنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام.

 

ويُخرّب المستوطنون أيضًا ممتلكات المقدسيين بالبلدة القديمة، يترافق ذلك مع اعتداءات شرطة الاحتلال على الفلسطينيين المتواجدين في باب العامود ومحيطه، إذ يتم قمعهم باستخدام المياه العادمة والرّصاص المطاطي والقنابل؛ ما يُؤدي لوقوع إصابات واعتقالات في صفوف الذين يحاولون اعتراض المسيرة.

في السنوات الماضية الأخيرة بدأ المقدسيون بالتصدي لمسيرة “رقصة الأعلام، وذلك من خلال الاحتشاد عند مدرجات باب العامود ورفع الكوفية والأعلام الفلسطينية بوجه المستوطنين، وهتاف شعارات تؤكد تمسكهم بالقدس وعروبتها مثل “لا شرقية ولا غربية، هذي القدس عربية”.

وكانت جولة التصعيد العسكرية بين فصائل المقاومة بغزة والاحتلال عام 2021 والتي عُرفت بـ “سيف القدس” من أبرز ملامح الرد الفلسطيني على “مسيرة الأعلام” الاستفزازية، حيث وجهت المقاومة عند الساعة السادسة من مساء يوم 10 مايو ضربة صاروخية للمستوطنات المقاومة في القدس؛ ما تسبب بفشل المسيرة التي اعتاد المتطرفون على تنظيمها سنويا.

وهذا العام أعلن الحراك الشبابي الشعبي في مدينة القدس، اعتبار أيام الخميس والجمعة، أيامًا لـ”العلم الفلسطيني”، ردًا على مسيرة الاستفزازية، داعيًا أهالي الضفة الغربية والداخل المحتل وقطاع غزة والشتات لرفع العلم في كل ساحة، وعند كل نقطة حدود يستطيعون الوصول إليها.

 

عن علي محمد

مدير التحرير

شاهد أيضاً

زلزال طوفان الأقصى..المناخ الدولي والإقليمي

 (مجلة فتح العدد – 769) لم يكن حدثًا عاديًا، ذلك العبور العظيم الذي بدأت به …

آخر الأخبار