إعداد علي محمد
(مجلة فتح العدد – 756 )
انطلقت في الضفة المحتلة بوادر انتفاضة شعبية زادت معها وتيرة العمل الشعبي والكفاح المسلح بشكل وحّد وجهة جميع المقاومين بعد عام من معركة «سيف القدس» التي اشتبك فيها الفلسطيني في غزة والقدس والضفة وأرض 48 مع أجهزة أمن وجيش الاحتلال، حيث تصاعدت الأحداث في الضفة الغربية التي استنهضت المقاومة، ولم يعد بالإمكان وقف تصاعد المقاومة وهي وصلت إلى نقطة اللاعودة.
وتشهد الضفة الغربية ارتفاعا ملحوظا في أعمال المقاومة الفلسطينية؛ فخلال أيلول الماضي وقع 833 عملا مقاوماً بدءًا بإلقاء الحجارة والطعن والدعس بالمركبات وإطلاق النار وزرع أو إلقاء العبوات الناسفة، والتي أدت لمقتل ضابط إسرائيلي وإصابة 49 آخرين.
كما بلغت عمليات إطلاق النار 75 عملية على نقاط ومواقع لجنود الاحتلال منها 30 عملية في جنين و28 في نابلس واستشهد 17 مواطنا، منهم مقاومون في 6 محافظات مختلفة، 10 منهم في محافظة جنين وحدها، في حين أصيب 359 آخرون
– تمر مقاومة الضفة المحتلة بحالة تحوّل تنتقل فيها من العمل المنظم إلى المقاومة كفكرة وثقافة يتبناها الناس بعيداً عن الأحزاب والقوى الوطنية والسياسية الفلسطينية ويتوحدون خلف أسماء جديدة في انتفاضة شعبية، فمجموعات عرين الأسود وكتيبة جنين ونابلس تثبت أن المقاومة أضحت فكرة وثقافة وسلوكًا على الأرض، ونموذج عدي التميمي الأخير سيزداد كثيرًا في المرحلة القادمة في كل الضفة المحتلة.
كما انضم خلال عمليات المقاومة المتصاعدة الكثير من أفراد أجهزة أمن السلطة للعمل المقاوم في مرحلة تبدو فيها الضفة ناقمة أكثر على مهمة «التنسيق الأمني» بين السلطة والاحتلال وفي مشهد لا يمكن فيه فصل الفلسطيني مهما كانت وظيفته عن واقعه تحت الاحتلال.
ولم تعد ظاهرة المقاومين الجدد تقلق كيان وأمن الاحتلال في جنين ونابلس فقط، كبؤرتي صراع ساخنة منذ عدة شهور؛ فجغرافيا المقاومة آخذة في الاتساع لتطول مدنًا وبلدات جديدة في الضفة والقدس المحتلة، ففي غمرة الأحداث الدائرة وتصاعد عمليات المقاومة في الضفة المحتلة، وحالة الاستنفار التي أعلنها جيش الاحتلال في جنين ونابلس بوجه خاص، ظناً منه أن باقي ميادين الضفة في حالة هدوء جاءته الضربة التي لم يحسب حسابها من أقصى الجنوب.
جيش الاحتلال كان مؤخرًا قد أرسل 4 كتائب إضافية من الجيش إلى شمال الضفة في أعقاب تصاعد عمليات إطلاق النار التي تستهدف جنوده وقطعان مستوطنيه على الطرق الالتفافية، ترافق ذلك مع عملية عسكرية نفذها الجيش في البلدة القديمة بنابلس واغتال عدداً من أبناء شعبنا ومقاوميه، وعلى رأسهم وديع الحوح من أبرز مؤسسي عرين الأسود، وسبقه القائد تامر الكيلاني، الأمر الذي جعل قيادة الجيش تتفاخر بتلك العمليات وتلوح بالمزيد
على الجانب الآخر، وفي أقصى جنوب الضفة تحديدًا مدينة الخليل كان الفدائيون يعدون العدة للانقضاض على أهدافهم، فالخليل التي خبت نار ثورتها خلال الفترة الماضية نهضت من جديد لتصحح البوصلة وتستكمل طريق المواجهة جنباً إلى جنب مع جنين ونابلس
الفارس محمد كمال الجعبري ذو الـ35 ربيعاً، ، كان صاحب القرار الحاسم بإعادة الخليل إلى موقعها الصحيح، فاستل بندقيته وقام بتنفيذ عملية إطلاق نار قرب مستوطنة «كريات أربع»، فقتل مستوطناً وأصاب 5 آخرين قبل أن يرتقي شهيدًا مدرجًا بدمائه الزكية.
جاءت هذه العملية في وقت حساس وفي ظل تشديدات أمنية صهيونية والتي أعلن الاحتلال زيادة الإجراءات الأمنية فيها على خلفية تصاعد عمليات كتيبة جنين ونابلس وعرين الأسود، ليصبح الاحتلال أمام معقل آخر من معاقل المقاومة.
وفي المقابل شدد الاحتلال من عدوانه على كل من تثبت معاونته للمقاومين، وعرّضه للاعتقال والتعذيب وهدم المنازل والحرمان من العمل في الداخل المحتل، وحكم على الكثيرين منهم بالسجن سنوات عديدة وغرامات باهظة؛ لردع كل من يدعم المقاومة خلال السنوات الماضية دون أن ينجح في ثني الفلسطيني عن تبني المقاومة ودعمها
دائماً يأتي الرد «الإسرائيلي» ليعزز حالة المقاومة وليس ليكسرها، والاحتلال يعتقد أنه كلما ضغط كلما تراجع نفَس المقاومة، وكلما ضغط الاحتلال كلما تعزز حضور وقوة المقاومة وحاضنتها.
تؤكد تطورات الانتفاضة الفلسطينية المسلحة، أن ما تشهده جبهة الضفة الغربية والقدس، ليس مجرد أحداث عابرة، ومواجهات محدودة، بل مزيداً من المواجهة والتصعيد في الأيام القادمة، وقد عكست عملية التميمي ومشهد استشهاده ملامح المقاومة الشرسة والباسلة، التي سيواجهها العدو، من الجيل الفلسطيني الجديد، الذي يحمل على عاتقه إشعال الانتفاضة الثالثة.
تعزز الحاضنة الشعبية للمقاومة في الضفة المحتلة ثقافة المقاومة لتكون ثقافة لا ترافق حامل السلاح فقط؛ بل تتوسع لكل أطراف المجتمع، وتشكل حالة عامة تتبنى المقاومة وتقدم كل أشكال الدعم الممكن في ميدان الضفة.
أرقام صدمت الكيان الصهيوني.. منذ بداية العام الجاري مقتل 25 «إسرائيليا» وإصابة 420 خلال 10 آلاف عمل مقاوم في الضفة والقدس.
.
أكدت الاحصائيات ارتفاعاً ملحوظاً في أعمال المقاومة بالضفة الغربية منذ بداية العام الجاري 2022، حيث بلغت أكثر من 10 آلاف عمل مقاوم، بينها 639 عملية إطلاق نار، و33 عملية طعن أو محاولة طعن، و13 عملية دهس أو محاولة دهس.
وأدت عمليات المقاومة منذ بداية العام الجاري، لمقتل 25 مستوطناً وجندياً (إسرائيلياً) وإصابة نحو 420 آخرين بجراح في حصيلة هي الأعلى منذ عام 2015.
و منذ بداية شهرتشرين الأول نفذت المقاومة 139 عملية إطلاق نار، و3 عمليات دهس و3 عمليات طعن، أدت الى مقتل جنديين ومستوطن.
وخلال شهر أيلول الماضي، نفذت المقاومة (833) عملا مقاوما بينها 75 عملية إطلاق النار، أدت لمقتل مستوطن واحد وإصابة (49) آخرين، بعضهم بجراح خطرة.
وتصاعدت عمليات المقاومة بكل أشكالها في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال شهر آب حيث تم رصد(832) عملاً مقاوماً، بينها 73 عملية إطلاق نار، فيما قتل جندي وجُرح (28) مستوطناً وجندياً بعضهم بجراحٍ خطرة.
وفي شهر تموز المنصرم شهدت الضفة (588) عملاً مقاوماً، أدى إلى إصابة (18) (إسرائيلياً)، فيما نفذ مقاومون (44) عملية إطلاق نار على أهداف للاحتلال.
وخلال شهر حزيران الماضي جرى رصد (649) عملاً مقاوماً، فيما جُرح (26) (إسرائيلياً) بعضهم بجراح خطرة.
وسجل في شهر أيار، (1358) عملاً مقاوماً، بينها (57) عملية إطلاق نار (27) منها في جنين.
وشهد شهر نيسان الماضي، مقتل (4) (إسرائيليين) وإصابة (56) آخرين بجراح مختلفة.
وبلغ مجموع العمليات (1510) عملاً مقاوماً، بينها (76) عملية إطلاق نار واشتباك مسلح مع قوات الاحتلال.
وفي أكبر حصيلة لعدد قتلى الاحتلال خلال شهر، قتل في شهر آذر الماضي 12 مستوطناً وجندياً (إسرائيلياً) وأصيب (64) بجراح مختلفة.
ورصد في ذات الشهر (821) عملا مقاوما، بينها (52) عملية إطلاق نار واشتباك مسلح مع قوات الاحتلال.
أما شهرشباط، فأحصي خلاله (835) عملاً مقاوماً، بينها (52) عملية إطلاق نار، فيما أصيب (27) جنديا ومستوطنا (إسرائيليا)، بينهم (14) في القدس المحتلة.
وافتتح العام 2022 بإصابة (13) مستوطناً وجندياً بجراح مختلفة في شهر كانون الثاني الماضي، ورصد (623) عملاً مقاوماً، بينها (28) عملية إطلاق نار.