ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني .. انتصار كبير للمقامة

 (مجلة فتح العدد – 756 )

الكيان الصهيوني المستخفّ بالدولة اللبنانية وخيارها التفاوضي وقف عاجزاً عن فك شيفرة خيار المقاومة في الدفاع عن الحقوق اللبنانية، إذ إن معركة طويلة دارت رحاها بين الحروب التي وقعت بين الطرفين أنتجت معادلة ردعية يصعب على الكيان كسرها أو تخطّيها

لم يكن حديث الأمين العام لحزب الله عن معادلات الردع التي نجحت المقاومة في إرسائها عرضياً أو ضمن سياق الحديث عن الفعل المقاوم الذي اتخذ منذ عام 1982 شكل المبادرات الفردية، التي كانت تهدف إلى توجيه ضربات يمكن من خلالها إفهام الكيان الصهيوني أن احتلاله الأراضي اللبنانية لن يكون نزهة عادية، كما توهم قادته السياسيون والعسكريون عام 1982.

وإذا كانت المقاومات اللبنانية قد نجحت منذ اجتياح عام 1982 في توجيه ضربات موجعة إلى الكيان ، بحيث إنها استطاعت كيّ الوعي «الإسرائيلي»، وتكريس فكرة المخاطر التي ستفرض نفسها ضيفاً ثقيلاً على المشروع االصهيوني التوسعي، فإنها لم ترتقِ إلى مستوى التطبيق العملي لمعادلة رادعة تجعل الكيان الإسرائيلي يفكر عميقاً قبل إقدامه على أي عمل، أمنياً كان أم عسكرياً.

إنّ تقييم المسار الطويل للعمليات العسكرية والأمنية التي نفذها الكيان الصهيوني منذ نكبة فلسطين يظهر إهمال الكيان معيار المخاطر التي قد تنجم عن هذه العمليات، فالجرأة «الإسرائيلية» التي تمثلت في السابق بنوعية الشخصيات المستهدفة أو أمكنة تنفيذ العمليات البعيدة نسبياً عن فلسطين المحتلة تؤكد انعدام الخوف الإسرائيلي من أيّ رد فعل عليها.

خلال جولات الصّراع التي يمكن تمييزها عن العمليات النوعية المتكررة التي قد تكون متباعدة زمنياً، عمدت المقاومة الإسلامية إلى فرض شروط تتخطى فكرة وقف إطلاق النار المتبادل بين الطرفين، فتحييد المدنيين وتثبيت معادلة قصف المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة إذا تعرضت قرى الجنوب لقصف «إسرائيلي» ألحقته المقاومة بتكريس حتمية الانتقام لعمليات الاغتيال التي تطال قادتها، من خلال اغتيال قادة «إسرائيليين» وعملاء.

أما بعد التحرير، فقد استطاعت المقاومة أن تفرض نفسها كإطار مؤسَّساتي يمكن من خلاله أن تلزم الكيان باعتماد سلوك محدد ضمن أطر الاعتراف بكيانها ودورها في حماية سيادة لبنان.

ومن خلال تأكيد شرعية المقاومة ولبنانيتها عبر نص البيانات الوزارية المتعاقبة، ودورها المحوري في الدفاع عن لبنان، ذهبت المقاومة بعيداً في بناء إطار الردع الضروري لحماية لبنان، إذ كرست لدى «الإسرائيلي» قناعة بحتمية دورها ونهائيته وعدم إمكانية الالتفاف عليه.

وفي هذا الإطار، استطاعت المقاومة أن ترتقي بدورها الردعي، متخطية عقبات داخلية وخارجية، وتحولت من قوة تواجه الاعتداءات «الإسرائيلية « وفق مبدأ رد الفعل إلى قوة استراتيجية قادرة على المبادرة وتهديد الكيان ضمن إطار المحافظة على الحقوق والسيادة.

وإضافةً إلى دورها الدفاعي الذي يُفترض تفعيله عند أي اعتداء حصراً، عمدت المقاومة بالتوازي إلى مراكمة أدوات قوة تسمح لها بممارسة هذا الدور الاستراتيجي. ولأنَّ هذا الدور الذي نجحت في أدائه تخطى خطوطاً حمراً وضعها «الإسرائيلي»، ومن خلفه القوى الغربية، فإنها واجهت جبهة متعددة الأطراف بهدف تحجيم دورها وإقصائها عن ممارسة الدور الذي أرادته لنفسها.

 

إن النمطية التفاوضية التي قيدت الدولة اللبنانية نفسها بها، عبر انكشاف أوراقها التفاوضية والتمسك بوساطة الولايات المتحدة الأميركية في موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، أثبتت عجزها عن الحفاظ على حقوق لبنان.

الكيان الصهيوني المستخفّ بالدولة اللبنانية وخيارها التفاوضي وقف عاجزاً عن فك شيفرة خيار المقاومة في الدفاع عن الحقوق اللبنانية، إذ إن معركة طويلة دارت رحاها بين الحروب التي وقعت بين الطرفين أنتجت معادلة ردعية يصعب على الكيان الإسرائيلي كسرها أو تخطّيها.

مسؤول «إسرائيلي» بشأن اتفاقية ترسيم الحدود: «إسرائيل» خضعت ونصر الله انتصر

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مسؤول «إسرائيلي» كبير في قطاع الغاز وصفه «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية» مع لبنان، بأنها «استسلامٌ كامل من جانب إسرائيل».

وقالت وسائل الإعلام «»الإسرائيلية إنّ«الاتفاقية،  هي استسلامٌ كامل للبنان من جانب رئيس حكومة الاحتلال، يائير لابيد، ووزير الحرب ، بيني غانتس، لافتةً إلى أنّ «خضوع إسرائيل انتصارٌ كبير للأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله».

وأضافت أنّه «إذا أجرت إسرائيل مثل هذه المفاوضات بشأن قضايا أخرى أيضاً، فهذا أمرٌ مقلق للغاية».

ولفت معلق الشؤون العربية في “«لقناة الـ13 الإسرائيلية»، تسافي يحزكلّي، إلى أن هذا الاتفاق مسجل باسم السيد نصر الله، فهو الذي حض الحكومة اللبنانية على الثبات.

في معرض قراءته لطريقة معالجة «إسرائيل» ملف المفاوضات البحرية مع لبنان، أشار الكاتب في موقع «يدع»، إيلي بار-أون، إلى أن «لدونية الاستراتيجية لإسرائيل تتجلّى أمام أعين الجميع»، وأضاف أن «إسرائيل هي المكوّن المرتدع اليوم، وهي بغية وقف الحرب الكبيرة المتدحرجة على أعتابها، تسعى لدفع فدية، وهي تتنازل عن ممتلكات قومية، كما تقوم بوسم نفسها بصورة التابع (الذمّي)، الذي يخضع ويدفع رسوم التبعية لكسب الوقت».

ولفت بار-أون إلى أن «إسرائيل» لا يمكن أن تسمح لنفسها بخوض حرب الآن، لأنها في وقت واحد إزاء أمور أهمها:

أزمة سياسية داخلية متواصلة

جبهة داخلية غير مستعدة للحرب

جيش «إسرائيلي» صغير غير قادر على مواجهة جبهات عدة في آن واحد

ساحة داخلية مُزعزعة، بحيث يراكم فيها الفلسطينيون من سكان «إسرائيل« ثقة بالنفس، يجمعون السلاح ويستعدون لـيوم الاستدعاء.

استعدادات في قطاع غزة للحرب

وجود ما يشبه دولة مستقلة في بعض مناطق الضفة الغربية

 

عن علي محمد

مدير التحرير

شاهد أيضاً

خطة بن غفير لمواجهة الفلسطينيين في القدس وداخل فلسطين المحتلة 84

(عن مركز مدار للدراسات الإسرائيلية بتصرف) (مجلة فتح العدد – 758) عسكرة المدنيين «الإسرائيليين» بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

آخر الأخبار