بقلم: ياسر المصري
عضو اللجنة المركزية
إن إقالة وزير الأمن الصهيوني يواف غالانت، في هذه الفترة، قد يسميها البعض زلزالاً صهيونياً، والبعض الآخر يطلق عليه انقلاباً حكومياً، إلا أن الذي جرى من قبل نتنياهو مساء أمس يعبر عن خلاف سياسي وعسكري في إدارة المعركة الجارية بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة، ومن جهة أخرى المعركة في الشمال الفلسطيني بين حزب الله والكيان الصهيوني، إضافة إلى أزمة الثقة بين الجانبين (نتياهو – غالانت)، وبالمناسبة المسألة قديمة والخلاف قديم أيضاً، لذلك وجد نتنياهو بأن إقالة غالانت هي مسألة ضرورية، وخاصة في ظل الانتخابات الأمريكية وتركيز الاهتمام عليها من قبل الساسة الأمريكان.
ثمة أسباب عديدة دفعت نتنياهو إلى إقالة غالانت في هذه الأيام، بعد صبر لأكثر من عام مارسه نتنياهو، مع أنه منذ أكثر من شهرين وهو يلوح بإقالة غالانت، بعد أن أقاله في مارس من العام الماضي على إثر الخلاف حول التعديلات القضائية التي يرفضها غالانت رفضاً قاطعاً، ومن هذه الأسباب:-
– المعركة المحتدمة ما بين الكيان الصهيوني وجبهة المقاومة في قطاع غزة وجنوب لبنان، وعدم مقدرة الكيان الصهيوني على التقدم في حسم تلك المعركة، إضافة إلى عدم تحقيق أي هدف من بنك الأهداف التي وضعها نتنياهو منذ بداية الحرب، يعتبر فشلاً في الجانب العسكري، إضافة إلى رغبة نتياهو بتوسيع رقعة المعركة في الشمال، وتصنيف نتياهو لغاغلانت بأنه شخص ليس هجوميا ! .
– اتهام غالانت من قبل نتنياهو بأنه وراء تسريب الوثائق المزورة من مكتب نتنياهو إلى الصحافة العالمية، وذلك ما عزز من أزمة الثقة بين الجانبين، وسرع نتنياهو باتخاذ قرار الإقالة، إضافة إلى أن ذلك اعتبر خرقاً في الآمن القومي الصهيوني، فآثر نتنياهو على التضحية بوزير دفاعه بدلاً من المستشارة القضائية.
– تجنيد غالانت سبعة آلاف من الحريديم في الجيش الصهيوني الذي يعوزه آلاف المجندين في معركة الشمال وجنوب فلسطين، أي أن نتنياهو يقول بأن ذلك الإجراء اتخذه غالانت وليس هو، وبعد ذلك يعتبر نتيناهو بأنه مع الحريديم ، أي أنه مع الأحزاب اليمينية.
– علاقة غالانت مع الولايات المتحدة الأمريكية علاقة جيدة وممتازة، وهذا ما يغضب نتنياهو، لأن وزير الدفاع غالانت كان له حظوة لدى الإدارة الأمريكية على حساب رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، لذلك قالت هيئة البث الأمريكي بأن الإدارة الأمريكية صدمت بهذا القرار كما قال المتحدث باسم البيت الأبيض (إن غالانت كان شريكاً مهماً).
إن تلك الأسباب هي بعضاً من الخلافات التي ظهرت على السطح في السياسة الصهيونية الداخلية والخارجية، إلا أن المجيء بجدعون ساعر وزيراً للخارجية بعد أن كان مرشحاً في الفترة السابقة لوزير الدفاع، أثار موجة من الغضب في الشارع الصهيوني، كما أن تولي (يسرائيل كاتس) منصب وزيراً للدفاع، علماً بأنه هو ليس عسكرياً، وذاك أثار المزيد من السخط على حكومة نتنياهو.
أما جهة الأحزاب السياسية وعلى رأسها بن غفير الذي اعتبر خطوة إقالة غالانت قد تأخرت كثيراً وكان من الضروري إقالته، ودعا زعيم المعارضة الصهيونية يائير لابيد المستوطنين الصهاينة إلى النزول للشارع من أجل تعبيرهم عن رفضه الإقالة.
بكل الأحوال فإن الخلاف ما بين نتنياهو وغالانت هو خلاف سطحي فيما يتعلق بقتل أبناء شعبنا الفلسطيني واللبناني، لأن الطرفين مع قتل المزيد ولا يوجد أي تباين فيما بينهم، حيث قال غالانت بأنه سوف يعيد لبنان إلى العصر الحجري، إيماناً بالمقولة الصهيونية التي تقول (العربي الجيد هو العربي الميت).