على الرغم من الرقابة العسكرية المشددة على النشر في الصحافة العبرية، التي لا تنشر إلا النزر اليسير من الحقائق المغلفة بالكثير من الأكاذيب، وعلى الرغم من دموع التماسيح التي سكبها الوزير الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، إلا أنّ كلاهما يكشف جزءًا يسيرًا من الخسارة الكبيرة التي تسببت بكل هذا القهر والوجع للكيان؛ ليصف الإعلام العبري شهر أكتوبر بـ «الأسود»، ويذرف زعيم تيار الصهيونية الدينية الدموع الحارّة على قتلاه من كثرة المآتم التي حضرها، بحسب مراقبين.
آلة التضليل والتكتم عاجزة عن إخفاء الخسائر
مقطع البكاء للوزير الصهيوني، يحكي الكثير عن حرب الإرادات الفعلية مهما حاولت آلة التضليل والتكتم على الخسائر إخفاء آثارها، ففي هذا المقطع يبكي بتسلئيل سموتريتش زعيم تيار الصهيونية الدينية من كثرة المآتم التي يحضرها. في هذا المقطع تفلت من سموتريتش صورة الألم المتبادل رغم أن ما لحق بغزة وبفلسطين ولبنان أفدح بكثير وأكثر ألماً، ورغم أن خسائره خسائر قتال أما خسائرنا في غزة والضفة ولبنان ففي معظمها خسائر إجرام قائمة على فكرة الكسر أو الإفناء.
إنّ صاحب خطة الحسم الشاملة ومقولات إبادة غزة وتهجير الضفة والحرب الشاملة على المقاومة حيثما كانت، وأحد أصحاب مقولة الهيكل وصاحب ومقولة ضم الأردن إلى الكيان الصهيوني مستقبلاً تُفلت منه كلمات مهمة ومفتاحية أمام الخسائر: أن الصهيونية الدينية خسرت قتلى بما يفوق حصتها السكانية في الكيان الصهيوني (نسبتهم 16% من يهود الكيان بما يساوي 1.1 مليون)، ويختم بإلقاء اللوم ليس على المتدينين التقليديين «الحريديم» فقط، والذين لا يخدمون في الجيش، بل على العلمانيين كذلك الذين يتهربون من الخدمة، ومثل هذه التصريحات تعبر عن الرؤية التجزيئية للذات، فهو يرى نفسه باعتباره الصهيونية الدينية وحدها وليس باعتباره جزءاً منصهراً في الكل، وإلا لكانت هذه الخسائر «غير المتناسبة» تفانياً تتقبله نفسه وتفخر به.
هذا يقود إلى ظاهرة أخرى تستحق التوقف عندها وهي إعلانات مجالس المستوطنات في الضفة الغربية عن قتلى جيش الاحتلال من مستوطنيها قبل إعلان الجيش عنها، وربما تكون إعلاناتها من الأسباب التي تجره أحياناً إلى إعلان خسائره الحقيقية، وهذا تعبير عملي عن شعور مجتمع المستوطنين بالخسارة «المجحفة» بحقهم.
هذا التخلخل في جدار المواقف العالية والسقوف الإلغائية لم يكن ليظهر لولا ضربات المقاومة، والتصريح عنه يفتح الباب لمضاعفة الاستثمار فيه بتعمد اختـ.ـ.يار أهداف من جنود وضباط الصهيونية الدينية حيثما أمكن، لتبني المـقاومة بذلك أكثر على الشرخ الداخلي، خصوصاً وأنهم دائماً ما يحملون صفاتٍ شكلية تسمح بتمييزهم مثل اللحى الطويلة أو الشعر الذي تتدلى منه الجدائل الصغيرة أو الطاقية الصغيرة «الكيباه» أو حتى شارة المخلص التي تحمل رسم التاج ويضعها الكثير من جنود الاحتلال وضباطه على أكتافهم.
دموع سموتريتش وصراخ لابيد
لقد أظهر فيديوهان منفصلان كلا من وزير المالية الصهيوني المجرم سموتريتش وزعيم المعارضة لابيد ، الأول يبكي قتلى العدوان على غزة ولبنان بكاء مريرا ، والثاني يصيح رادحا للنتن بأنه ورّط دولة الاحتلال وتسبب في عدد هائل من القتلى والجرحى ، وطلب ممن لا يصدق كلامه أن يزور المستشفيات الصهيونية ، ويسعنا أن نقرأ في كل ما يصدر عن قادة الاغتصاب الصهيوني في هذه الأيام رسائل سريعة.
يشار إلى أن نتنياهو المتعجرف الذي يريد أن يراه قومه من الصهاينة بطلا صنع ما لم يصنعه صهيوني قبله ، نعم أيها النتن إنك متفرد لم يصل قائد صهيوني إلى ما وصلت إليه، فلم يذق قومك من الهوان ولا من القتل ولا من القهر ما ذاقوا بحمقك وتهورك، وأنت دون غيرك تكتب الصفحات الأخيرة من عمر «دولتك» الهشّة التي توشك أن تسقط على يديك.
أكتوبر الأسود.. الاحتلال يعترف بمقتل 80 «إسرائيليا»
وفي هذا السياق، أفادت إذاعة جيش العدو بمقتل 80 «إسرائيليا» منهم 64 من الجيش والشرطة وبينهم 33 ضابطا وجنديا في جنوب لبنان و19 في قطاع غزة، و16 مدنيا، وذلك خلال الشهر الجاري الذي وصفته بأنه «أكتوبر الأسود».
وتفصيلا، قالت الإذاعة إن «33 ضابطا وجنديا إسرائيليا قُتلوا في المناورة البرية في جنوب لبنان، و19 في المناورة البرية في قطاع غزة خلال أكتوبر الجاري».