بقلم: الأخ ياسر المصري
عضو اللجنة المركزية للحركة
(مجلة فتح – العدد 769)
ونحن نخط هذه السطور، تكون معركة طوفان الأقصى قد دخلت عامها الأول، حيث خاضت المقاومة الفلسطينية معارك ضارية بمواجهة العدو الصهيوني، ابتدأ من السابع من أكتوبر لعام 2024، إلى يومنا هذا، وقد وقفت إلى جانبنا جماهير الأمة العربية ومحور المقاومة متمثلاً في سورية وإيران وحزب الله واليمن والعراق، وبرغم حجم المجاز والإبادة الجماعية والدمار الذي يرتكبه العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني الباسل في قطاع غزة، إلا أن المقاومة لم تستسلم ولم ترفع الراية البيضاء، بل إنها مازالت مستمرة بصمودها وشجاعتها وبسالتها إلى جانب صمود أهلنا في القطاع المقاوم الذي ضحى بأعز ما يملك من أجل بقاء راية المقاومة خفاقة على طريق تحرير فلسطين .. كل فلسطين.
وعلى الجانب الآخر فإن حزب الله، أخذ على عاتقه قراراً بإسناد المقاومة الفلسطينية في اليوم التالي لمعركة طوفان الأقصى، وهذا كان قراراً شجاعاً وجريئاً من سماحة السيد حسن نصر الله، الذي وقف صامداً في وجه كل التهديدات الصهيونية والأمريكية والغربية من أجل ثنيه عن الاستمرار في دخول المعركة من جبهة الشمال التي أربكت العدو وهجرت مئات الآلاف من المستوطنين الصهاينة، الذين نزحوا إلى الداخل الصهيوني، وذاك صعب المعركة على رئيس الوزراء الصهيوني بينامين نتنياهو، إضافة إلى دخول أنصار الله في اليمن على خط المواجهة وإغلاق باب المندب وإطلاق الصواريخ على مدينة إيلات، زد على ذلك المقاومة العراقية التي قصفت العديد من القواعد الأمريكية في سورية وإطلاق الصواريخ على بعض المدن الصهيونية.
ومع اقتراب عدد الشهداء من الخمسين ألف والجرحى أكثر من مائة ألف والمنازل المدمرة 85%، إلا أن المقاومة مازالت صامدة حيث توقع الخسائر بالجنود والضباط الصهاينة، وتدمر الدبابات والمدرعات، وذاك غير قوة ردع هائلة للكيان الصهيوني الذي كان جيشه لا يقهر، وأصبح اليوم ذليلاً أمام المقاتل الفلسطيني الصلب والشجاع.
وبرغم بنك الأهداف الذي وضعه نتنياهو في غزة والذي ينص على اجتثاث المقاومة وتهجير أبناء شعبنا الفلسطيني إلى خارج غزة، وإطلاق سراح الأسرى الصهاينة، إلا أنه لم يحقق أياً منها على امتداد أكثر من عام، وهذا ما أربك نتنياهو وحكومته وجعله يتخبط في قراراته الغير متوازنة.
كل ذلك جعل من العدو الصهيوني الباحث عن نصر في هذه المعركة أن يستدير باتجاه المعركة مع المقاومة اللبنانية بشكل هستيري وجنوني، فأخذ يضرب بالضاحية الجنوبية لبيروت بكل ما أوتي من أسلحة غربية وأمريكية حديثة ومتطورة ضد المدنيين العزل، و قادة حزب الله، حيث ابتدأ بوسائل الاتصال البيجر ووسائل الاتصال الأخرى، وذاك يعتبر من المحرمات الدولية لأنه لا يستهدف المقاتلين فقط، بل يستهدف المدنيين في أطقم الإسعاف ووسائل تعليمية إلى قضايا مدنية مختلفة، وهذا ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين وتلك كانت ضربة مفاجئة لحزب الله.
إلى أن جاء يوم الجمعة في 27/9/2024، حيث كان الخبر الفاجعة باستشهاد سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، والذي نزل كالصاعقة على رؤوس أبناء محور المقاومة بشكل عام وعلى رؤوس أبناء الشعب الفلسطيني بشكل خاص، لأن حسن نصر الله لم يكن قائداً عادياً بل كان زعيماً آمن به العديد من أبناء أمتنا، لصدقه وجرأته وشجاعته المنقطعة النظير، فمنذ استلام رئاسة المكتب السياسي بعد استشهاد عباس موسوي وهو يعمل جاهداً من أجل تحقيق الانتصارات، حيث كان تحرير الجنوب عام 2000، وكان انتصار تموز عام 2006، وكانت مشاركته إلى جانب معركة طوفان الأقصى في 8/10/2023، إضافة إلى العديد من المواقف السياسية والعسكرية الهامة التي أنجزها.
كل ذلك وضعه في مقام الزعماء العظام، الذين لم يخذلوا شعبهم وأمتهم، بل إنهم وقفوا إلى جانب الحق ونصرة للمظلوم، حيث كان نصيراً للشعب الفلسطيني وداعماً للمقاومة في الإعداد والتدريب والسلاح وكل ما أوتي من قوة يسند من خلالها المقاومة الفلسطينية.
لقد كان الهدف الصهيوني من معركة الشمال الفلسطيني ضد حزب الله، هو فك الترابط ما بين الشعب الفلسطيني والمقاومة اللبنانية، وخاصة أن الشهيد حسن نصر الله كان يردد دائماً أوقفوا الحرب على غزة نوقف المعركة في الشمال الفلسطيني، من أجل ذلك استدار العدو الصهيوني ضد ا لمقاومة الإسلامية في لبنان، إلا أنه اليوم يخسر العديد من قواته البرية التي حاولت التقدم باتجاه الجنوب اللبناني، إضافة إلى الصواريخ التي تسقط على رؤوس الكيان الصهيوني في المدن الفلسطينية المحتلة.
ولقد جاءت الضربة الإيرانية التي وجهت مئات الصواريخ باتجاه تل أبيب وحيفا والنقب وغيرها من المدن الفلسطينية، لترد الصاع صاعين ولتكبده العديد من الخسائر، ولتثبت بأن محور المقاومة مازال متماسكاً وقادراً على مواجهة المشروع الأمروصهيوني في المنطقة، وإفشاله وتحقيق النصر.
إن الكيان الصهيوني يمر بفترة عصيبة في هذه الأيام، كونه لم يعتد على مواجهة عدة جبهات في آن واحد، حيث أن معاركه السابقة كانت على الحدود خارج مدنه ومستوطناته، والصواريخ تسقط على رؤوس مستوطنيه من كل حدب وصوب، من لبنان وإيران والعراق واليمن وغزة، فكل ذلك يجعله متخبطاً مأزوماً لا يدرك إمكانيات محور المقاومة وأسلحته التي فاقت قبته الحديدية ومقلاع داوود يعبر عن فشلها بالتصدي لتلك الصواريخ.
إننا كشعب فلسطيني ملتزم بمحور المقاومة سنبقى الأوفياء، وسنبقى صامدين في أرضنا، وسنبقى متمسكين بحق العودة إلى أن يتم تحرير فلسطين.. كل فلسطين، وسنبقى إلى جانب سورية العروبة التي وقفت وساندت ورعت المقاومة الفلسطينية، والتي مازالت على عهدها متمسكة بالقضية الفلسطينية برغم الحصار الذي يمارس عليها والحرب الكونية التي شنت عليها.