في بداية الحديث لابد من الترحيب بكافة أعضاء المؤتمر الذين حضروا اليوم من أجل المشاركة في أعمال مؤتمرنا هذا من كل ساحات العمل الحركي من أجل تطوير الحركة والعمل على نهضتها واستمرارها في دورها الوطني، ولابد من الإشارة في هذا الإطار إلى أن تأخير انعقاد هذا المؤتمر لسنوات عديدة كان بفعل ظروف ذاتية وموضوعية ساهمت في التأخير بانعقاده، وإن كانت الرغبة موجودة منذ أمد طويل في انعقاده، ولكن بكل الأحوال أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي.
وقبل الخوض في تفاصيل، العمل الحركي، والدور الذي كان ملقى على عاتق اللجنة المركزية لابد من الحديث حول الظروف الموضوعية التي تعيشها حركتنا منذ المؤتمر الأخير الذي انعقد في الشهر الثامن من عام 2008، برغم الموقف الواضح للحركة على الصعيد السياسي والوطني والمتطابق كلياً مع مصالح الجماهير الفلسطينية إلا أنه كانت هناك بعض العراقيل التي حاولت السلطة الفلسطينية متمثلة ببعض الرموز من فتح المركزية من وضعها في طريق تطور الحركة، إلا أن الحركة استطاعت تجاوز جميع تلك العراقيل، وبقيت الحركة صامدة في موقفها لم تتنازل أمام التهديدات والإغراءات التي قدمت للحركة، واستمرت في دورها النضالي إلى يومنا هذا.
كما لابد من الإشارة إلى الفترة التي قادها الأخ الشهيد القائد أبو موسى بعد المؤتمر بأنها فترة كانت صعبة جداً خاصة أنها جاءت بعد عملية اختراق للحركة تزعمها في تلك الفترة أبو خالد العملة من خلال مجموعة فتح الإسلام، والتي حاولت أن تطيح بالحركة في ذلك الوقت إلا أنه وبفضل القيادة الحكيمة للأخ أبو موسى واللجنة المركزية استطاعت حركتنا تجاوز تلك الأزمة وواصلت عملها واستمرت، برغم الأخطار التي كانت محدقة بها.
إلى أن تعرضت سورية لحرب كونية، وكان للحركة دوراً في التصدي لتلك المؤامرة، حيث وقفت الحركة إلى جانب الجيش العربي السوري وقيادة سورية الحكيمة، إلى أن استطاعت سورية من تجاوز تلك الأزمة وتحرير معظم الأراضي، كمان أن انخراط الحركة في الأزمة السورية ليس من أجل أحد، بل إنه جاء في قناعة مطلقة بأن الدفاع عن سورية هو دفاع عن فلسطين، كونها تمثل الحاضنة الأساسية للمقاومة منذ انطلاقتها، وبقيت على عهدها حتى في ظل الأزمة من حيث مواقفها الوطنية والقومية، والتي تتمسك بالثوابت الوطنية للمقاومة الفلسطينية، برغم كل أنواع التهديد والترغيب التي تعرضت له.
فلقد كان دور الحركة بارزاً من خلال تحرير مخيم الحسينية، إضافة إلى الدفاع عن مخيم السيدة زينب في وجه المسلحين، وصولاً إلى تشكيل كتيبة عسكرية في مخيم اليرموك، إضافة إلى القوات العسكرية التي جاءت من معسكرات لبنان، وقد كان للحركة مشاركات أخرى على امتداد الساحة السورية في الغوطة وفي يلدا وفي مخيم خان دنون ومخيم خان الشيح، إضافة إلى المخيمات في المحافظات المختلفة مثل النيرب وحمص واللاذقية ودرعا، كما كانت الحركة إلى جانب الجيش العربي السوري في المحافظات والمدن السورية ومازالت إلى يومنا هذا تقاتل إلى جانب الأشقاء في سورية الذين لم يبخلوا يوماً بتقديم التضحيات والدعم للثورة الفلسطينية.
ومن حيث الانجازات التي قدمتها الحركة خلال السنوات الماضية، يمكن القول بأن الوصول إليها لم يكن سهلاً، لأنه كما نعرف جميعاً بأن الحركة منذ انتفاضتها في 9/5/1983، وهي تتعرض لكل أنواع التهميش ومحاولات الاستبعاد، وبرغم كل تلك الصعاب إلا أن حركتنا استطاعت من تجاوزتها، وبقيت حركتنا ثابتة على موقفها الوطني الذي لم يتغير أبداً.
وعلى الصعيد السياسي: لقد كان للحركة دوراً أساسياً في ساحة العمل الوطني، وذلك من خلال التمسك بالموقف السياسي الواضح، والذي لم يتبدل أبداً، فلقد كان للحركة دوراً أساسياً في تحالف القوى الفلسطينية، برغم محاولات البعض من تفتيت ذلك التحالف، إلا أنه وبفضل دور الحركة استطاعت من تثبيت هذا التحالف المعارض لسياسات التصفية التي تقوده القوى المقاومة، كما كان للحركة دوراً واضحاً في العلاقات السياسية مع القوى الفلسطينية والعربية وبعض السفارات الصديقة مثل كوبا، وجنوب إفريقيا، وإيران، وفنزويلا، واليمن وغيرهم.
كما أن لمشاركتنا على صعيد المؤتمرات الفلسطينية والعربية مثل مؤتمر الأحزاب العربية، المؤتمر القومي العربي، والمؤتمرات الأخرى، دوراً بارزاً في المداخلات التي قدمتها الحركة، إضافة إلى البيانات السياسية التي غطت كل الأحداث السياسية التي جرت وتجري على مستوى المنطقة والعالم.
على الصعيد التنظيمي: إن الوحدة التنظيمية التي تشهدها حركتنا في هذه الآونة تعتبر من القضايا المميزة لحركتنا، حيث أن جميع الأطر التنظيمية تتحدث بلغة واحدة وموقف واحد، ولا يوجد لدينا أي إشكاليات أو أمراض تنظيمية، وحول تشكيل مكتب التعبئة والتنظيم فلقد كان هذا المكتب موجوداً وقام بالعديد من اللقاءات إلى أن جاءت الأزمة في سورية وتراجع دوره المناط به، لأسباب موضوعية عملنا على تجاوزها من خلال التواصل الدائم مع الأطر المختلفة.
وعلى الصعيد الإعلامي: فلقد تطور أداء الحركة الإعلامي بشكل كبير، حيث أن الحركة كانت مهمشة إعلامياً في الفترات السابقة، إلا أن الجهود الحركية أثمرت بتطوير الواقع الإعلامي حيث أصبحنا من الفصائل المميزة على صعيد النشاط الإعلامي في الفضائيات المختلفة، وقد لا يخلو يوماً من ظهور أحد الشخصيات الحركية على وسائل الإعلام، إضافة إلى المجلة المركزية التي مازالت مستمرة والتي تهدف بشكل أساسي لتعميق الوعي السياسي بين الأخوة الحركيين، إضافة إلى إيصال الموقف السياسي للقوى الفلسطينية والعربية والتي تتابع عن كثب ما يُكتب في المجلة، ومع أن واقع الإعلام ممكن أن يكون أفضل، إلا أن إمكانياتنا المتواضعة تحد من تطورنا الإعلامي.
وعلى الصعيد الكفاحي: العمل في الأرض المحتلة برغم صعوبته، إلا أنه استطاعت حركتنا من تأسيس بعض اللبنات الكفاحية، فبعد أن كان وجود الحركة في الداخل شبه محدود، فلقد استطعنا من بناء بعض الخلايا والتي قامت بعدة عمليات نوعية أسر البعض وجرح البعض الآخر واستشهد آخرون، وهنا لابد من الإشادة بدور الخلايا التي تواجه صعوبات في الداخل، وفي تنظيم العمل العسكري في داخل الوطن المحتل، إضافة إلى تشكيل بعض الخلايا التنظيمية في الخليل ورام الله ونابلس وغيرها من المدن الفلسطينية، ومشاركتنا في العديد من اللقاءات السياسية والفعاليات الجماهيرية والتصدي للاقتحامات الصهيونية، بإمكاناتنا المتواضعة.
وعلى صعيد قطاع غزة، فإن الأخوة في القطاع برغم خبرتهم المتواضعة في العمل الحركي إلا أنهم يحاولون تطوير العمل من خلال بعض الأعمال الاجتماعية والعسكرية.
وعلى الصعيد المالي: فبرغم إمكانياتنا المالية المحدودة جداً، إلا أنه بترشيد الإنفاق المالي استطعنا من تطوير الوضع الحركي على كافة الصعد الحركية، فلقد قمنا بزيادة المخصصات للمقاتلين والشهداء وإن كانت متواضعة لكنها وفق إمكانياتنا المالية تعتبر جيدة، إضافة إلى تغطية النشاطات الحركية وعدم توقف أي منها، لذلك فإن المال يصرف في المكان الصحيح ولا يوجد هدر مالي أو تبديد له، ونعمل جاهدين على تطوير إمكانياتنا المالية المحدودة، وهنا لابد من التوجه بالشكر للأشقاء الإيرانيين على ما يقدمونه من دعم وإسناد لحركتنا ولقوى المقاومة.
وفي الختام نتمنى لمؤتمرنا هذا أن يقوم بدوره في تطوير حركتنا على كافة الصعد، وأن نعود إلى مناطقنا وقواعدنا أكثر حماساً وتفاؤلاً بأن الحركة التي تعرضت خلال سنوات عملها للكثير من المؤامرات مازالت مستمرة وسوف تؤدي دورها الوطني على أكمل وجه إلى جانب كافة المقاومين الفلسطينيين والعرب، ولن تقصر بأي شيء يخدم العمل والموقف الوطني.
وسوف نعمل معاً وسوياً على قاعدة المبادئ والأهداف التي انطلقت حركتنا من أجل تحقيقها إلى أن يتم دحر الاحتلال الصهيوني من كافة الأراضي المحتلة وقيام دولتنا الفلسطينية المستقلة الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني.