كمائن المقاومة بالضفة.. تطورٌ نوعيّ يضرب المنظومة الأمنية للاحتلال

مع بزوغ فجر الاثنين(1/7 )صفع جيش الاحتلال بانفجار مدرعة “نمر” ومقتل جندي وإصابة آخرين في كمين أعدّته المقاومة في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم، بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية المخيم بأعداد كبيرة، ترافقها جرافتان عسكريتان، لتحاصره وتداهم عددًا من منازله قبل أن تشتبك مع المقاومين عند مدخله.

الكمين وقع ضمن سياق تطوير عملياتي للمقاومة في الضفة الغربية، ضد قوات الاحتلال لا سيّما منذ اندلاع حرب طوفان الأقصى في تناغم ملحوظ بين البطولات النوعية للمقاومة في غزة ومثيلاتها في الضفة الغربية، إلا أن وقع هذه العمليات بالضفة ربما يزيد إيلامًا في رأس الاحتلال، كونها مناطق تعاني من سيطرة الاحتلال في الأساس، الأمر الذي يلقي بظلاله على وجه آخر من أوجه فشل جيش الاحتلال في تبوير أرضية المقاومة أو حتى مواجهتها بالسبل التقليدية.

الأداء المتميز للمقاومة في الضفة الغربية، والذي لوحظ بوضوح بالتزامن مع طوفان الأقصى، كان قد أخذ في التصاعد منذ زهاء عامين، متجاوزًا الإمكانات الاستخباراتية الإسرائيلية، والتنسيق الأمني بين أجهزة السلطة وقوات الاحتلال، ليُسجّل صفحات جديدة من تاريخ البطولات التي أربكت حسابات الاحتلال وزادت من الضغط السياسي على حكومة نتنياهو.

حصاد البطولة والتضحية

ومنذ 7 أكتوبر 2023، نفذ المقاومون آلاف العمليات الفدائية، التي شهدت تصاعدا إضافيا في الأسابيع الأخيرة، فقد شهد شهر مايو (438) عملاً مقاوماً نوعيا وشعبيا، ما أدى إلى مقتل (3) وإصابة (7) جنود ومستوطن إسرائيلي بجراح مختلفة، وفق مركز معلومات فلسطين – معطى.

وشملت أعمال المقاومة (32) عملية إطلاق نار و(43) اشتباكا مسلحا، نفذت (37، 16) عملية منها في جنين ونابلس تواليا.

وعلى طريق البطولة قدمت الضفة الغربية بما فيها القدس، خلال هذه المدة 556 شهيدًا بينهم 137 طفلا.

العبوات الناسفة

العبوات الناسفة باتت أحد أهم الأسلحة في إعداد الكمائن التي تنصبها المقاومة لقوات الاحتلال، وتتسبب بإعطاب لآليات الاحتلال وجرافاته العسكرية، إلى جانب قتل وإصابة الجنود، ما يرفع من مستوى المخاوف الإسرائيلية قبل أي مداهمة أو اقتحام لمدن الضفة الغربية.

منذ ما يزيد عن العام، وتحديدًا في الـ 19 من يونيو 2023 قامت المقاومة في جنين بتدمير آلية النمر المدرعة، ومقتل وإصابة من فيها من جنود، وهي مدرعة من أفضل الآليات المتوسطة حول العالم؛ حيث تتميز بقدرات متطورة، ومثبت عليها كاميرات من الاتجاهات كافَّة، وتزن 10 أطنان وتسير بسرعة 70 كلم، كما تستوعب على الأقل 14 شخصًا ويمكنها حمل أوزان ثقيلة، وتتميَّز بقدرتها على تجاوز الطرق الوعرة والضيقة.

وتشتمل المركبة على أنظمة السلامة ومثبت عليها أسلحة متقدّمة ومدافع رشاشة، ونظام نفخ تلقائي للإطارات، وصدامات وشباك حديدية للوقاية من الحجارة وواقي من أشعة الشمس، ومثبطات حريق للحماية من زجاجات المولوتوف كما أنها مكيفة من الداخل.

ومنذ أسبوعين وثقت كتائب القسام لحظة تفجير عبوة ناسفة من نوع “الغول 1” في آلية إسرائيلية خلال اقتحام قوات الاحتلال قرية فقوعة قضاء جنين.

والخميس (30/6) أفاد جيش الاحتلال بمقتل قائد فرقة قناصة وإصابة 16 جنديًّا بجروح متفاوتة في انفجار عبوتين خلال اقتحام مدينة ومخيم جنين بالضفة الغربية؛ حيث انفجرت العبوة الأولى في مدرعة “فهد” تحمل طاقمًا طبيًّا عسكريًّا، وعند وصول قوة أخرى لإنقاذ الطاقم، انفجرت العبوة الثانية مسفرة عن مقتل الضابط وإصابة الآخرين.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن العبوة الناسفة الأولى انفجرت في مدرعة من نوع الفهد وكان فيها طاقم طبي عسكري، مشيرة إلى أن الضابط الذي قتل في جنين كان ضمن قوة وصلت لتخليص القوة الأولى التي أصيبت بعبوة ناسفة.

وأضافت أن تحقيقات الجيش الأولية تشير إلى أن العبوتين كبيرتان جدًّا تم زرعهما على عمق متر ونصف، دون معرفة كيفية تفجير العبوتين.

العملية نتاج توحيد جهد فصائل المقاومة لتنفيذ عمليات مشتركة تحت إشراف غرفة العلميات المشتركة، وتحمل العديد من النقاط المضيئة، وتعكس استفادة المقاومة من العمليات السابقة، لأنها نفذت العلمية على مرحلتين، وهو ما يعكس قدرتها على توقع ردة فعل الاحتلال.

يقول محللون، إن أحد مباعث قلق إسرائيل في الضفة الغربية هو الهجمات التي تنفذها “ذئاب منفردة” من الفلسطينيين، الذين لديهم ولاءات متباينة للقوى الداخلية، لكن يجمع بينهم الازدراء العام للاحتلال الإسرائيلي.

 

 

عن علي محمد

مدير التحرير

شاهد أيضاً

المشهد الفلسطيني: تصاعد العدوان الصهيوني على الضفة ومقاومة فلسطينية باسلة.. كيف ستؤثر الضفة في ميزان الصراع؟

 (مجلة فتح – العدد768) ما كان بالأمس إرهاصات، تحول اليوم إلى حقيقة، وما لم يتجاوز …

آخر الأخبار