(مجلة فتح العدد 766)
ثمة فارق نوعي عمل في قلب السردية المضادة –الصهيونية التوراتية- لتتحول إلى أشلاء، وتنهار كل ركائزها المؤسسة على الأكاذيب والخرافات، بفعل ما حفرته سردية طوفان الأقصى في الوعي وعلى الأرض، وهذا المتغير الفارق من شأنه أن يضعنا أمام المفاهيم الجديدة وأدلها أن فلسطين هي التي حررت العالم، بدلاً من أن يحررها العالم ، انطلاقاً من سرديات الوعي والمقاومة وثقافتهما الجديدة، في جملة المفاهيم واستحقاقات الصراع وضراوته عبر تاريخ مديد، إذ إنه يمكننا القول بأن سرديات الطوفان قد هزمت تلك السردية المضادة، وأطاحت بها دون رجعة، لتصبح حديث التاريخ ومعه دشن المقاومون الفلسطينيون صورة فلسطين الجديدة الأكثر بهاءً وحضوراً في الذاكرة، وهذا ما يفتح في أفق القراءة العديد من القراءات التي تستحق أن تتأمل التاريخ الفلسطيني في كل محطاته، وتتأمل في الوقت عينه شكل الثقافة الفلسطينية الجديدة على مستوى المصطلحات التي بدأ العالم يتناقلها وهي اللحظة التأسيسية الثانية بعد مصطلح الانتفاضة الذي دخل ذاكرة التاريخ الإنساني والعالمي، وإذا انطلقنا من حقيقة أن ما بعد الطوفان ليس كما قبله، فإنه يمكننا أن نقول، أن عودة الوعي أصبحت تستلزم تاريخاً جديداً يرسم الذاكرة الجديدة بكل ممكنات الحلم والمستقبل، فثمة ما لم يعد حلماً فحسب، بل أصبح واقعاً يتجاوز كل متعاليات النكبة وحفرياتها الأشد ألماً في الذاكرة، ذلك أن صياغة الوعي الجديد هي صياغة الإنسان المقاوم، بكل ما انطوت عليه الكلمة من معنى.