(مجلة فتح – العدد 765)
يوم القدس العالمي هذا العام ليس كما قبله وما بعده, تغيرات إقليمية وعالمية وانكشاف للسردية «الإسرائيلية» وإن كان التحول في مواقف الداعمين لـ«إسرائيل» ما زال محدودا. وفي الإقليم محور مقاومة عنوانه «القدس» يترسخ أكثر. طوفان الأقصى تحد تحرري وجبهات الإسناد تثبت كل يوم عمق الترابط والتنسيق وتأثير فصائلها في الحدث الإقليمي والدولي عموما. وإلى جانب الميدان في موازاة التصدي للاحتلال تواصل المقاومة سعيها لإنهاء العدوان على غزة وإدخال المساعدات إلى القطاع وتؤكد أن ما لم يحصل عليه «الإسرائيلي» في الميدان لن يحصل عليه بالمفاوضات.
ليوم القدس هذا العام، رمزيته الكبرى والاستثنائية، كونه يتزامن مع معركة طوفان الأقصى التي تخوضها المقاومة الفلسطينية، بدعم ومساندة من محور المقاومة، ضد العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة، في أطول حرب عسكرية «إسرائيلية» تخطت الـ 6 أشهر.
وجرى إحياء هذه المناسبة بالعديد من الفعاليات في مختلف دول محور المقاومة والعالم، بشكل يؤكّد من جديد أحقية رؤية الإمام روح الله الخميني (رض) لتحرير فلسطين، والتي وضعت قبل أكثر من 4 عقود، من أن المقاومة هي الخيار الوحيد القادر على إنجاز التحرير، وإزالة الكيان من الوجود. وهذا ما تبدو ملامحه أكثر فأكثر في وقتنا الحالي، بحيث لم يبلغ كيان الاحتلال الصهيوني من الضعف والعزلة، ما بلغه بحلول يوم القدس للعام 2024.
إيران
وفي الجمهورية الإسلامية كما كل عام منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، شارك مئات آلاف الإيرانيين في مسيرات «يوم القدس العالمي» في أكثر من 2000 مدينة وبلدة إيرانية، رافعين أعلام إيران وفلسطين وأعلام حركات المقاومة، وسط هتافات «الموت لإسرائيل ولأميركا».
وقد كان إحياء هذا العام بمثابة استفتاء شعبي حول خيار الجمهورية الإسلامية في دعم حركات التحرر والمقاومة، لما تميز به من مصادفة ليوم القدس مع معركة طوفان الأقصى (الذي تؤدي فيه إيران دور الداعم والحاضن لكافة جبهات المقاومة)، وبعد 4 أيام من اغتيال قائد قوة القدس في لبنان وسوريا الشهيد اللواء محمد رضا زاهدي ورفاقه في العاصمة السورية دمشق، الذي تم تشييعه مع رفاقه في شارع الثورة الإسلامية حيث ساحة فردوسي وسط العاصمة طهران، خلال فعاليات إحياء هذا اليوم أيضاً.
وشارك في إحياء هذه المناسبة، كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين في الجمهورية الإسلامية، كقائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية العميد إسماعيل قآاني، وبحضور لافت لقادة وممثلين عن حركات وقوى محور المقاومة، كالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة ورئيس أركان الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي “أبو فدك”.
وأكّد القائد العام لحرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي، خلال كلمة ألقاها في الحشد الكبير المشارك، على أن «النظام الصهيوني هو خنجر النظام البريطاني الخبيث والشرير الذي يطعن به جسد الأمة الإسلامية قبل 75 عاما وبعد ذلك عززت أمريكا الإجرامية هذا النظام كرأس جسر سياسي وأمني وجغرافي في العالم الإسلامي ليكون رافعة لضبط وتنظيم سياساتها الإجرامية.
العراق
أمّا في العراق، الذي تساند مقاومته الإسلامية المقاومة الفلسطينية في غزة منذ الأيام الأولى للمعركة، فقد نظّم الآلاف من أنصارها وأنصار فصائلها، مسيرة حاشدة في العاصمة العراقية بغداد في منطقة شارع فلسطين، وعدد من المدن العراقية الأخرى مثل نينوى وكركوك والبصرة، معبّرين عن دعمهم للقضية الفلسطينية، ومنددين بالعدوان الأمريكي الصهيوني على قطاع غزة، وحاملين لافتات خطّت عليها عبارات «الموت لأمريكا… الموت لإسرائيل… النصر للإسلام» وأخرى تطالب بوقف العدوان.
اليمن
وبمسيرات جماهيرية هي الأضخم عربيا، شارك اليمنيون بإحياء يوم القدس عبر مسيرات مليونية، في أكثر من 150 ساحة في 15 محافظة. مع الإشارة الى أنهم ينظمون مسيرات داعمة لغزة كل يوم جمعة من كل أسبوع منذ 6 أشهر مع بدء معركة طوفان الأقصى.
وحمل المشاركون في المسيرات الأعلام اليمنية والفلسطينية ورايات حركات المقاومة ولافتات شعار الصرخة ولافتات المناسبة المعبرة عن التضامن مع فلسطين، وقاموا بإحراق العلم الأمريكي وعلم الكيان المؤقت. وأكّد المحتشدون على أن اليمن لن يتخلى عن فلسطين وسيبقى على طريق القدس، وعلى أنهم مستعدّين للمشاركة في معركة تحرير فلسطين متى طلبت منهم قيادتهم ذلك. وشدّدوا بأن معركة التحرير لا تخص الشعب الفلسطيني وإنما هي مسؤولية الأمة بأكملها، وأن لا عذر لأي نظام في البلدان الإسلامية في التقاعس أو التخاذل أو التقصير عن القيام بدوره في تحرير فلسطين ونصرة شعبها.
لبنان
وفي لبنان، شارك الألاف من اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين بالمسيرات التضامنية التي تم تنظيمها في العديد من المدن والمخيمات من صيدا وبعلبك وطرابلس وبيروت. وقد رفع المشاركون فيها الأعلام الفلسطينية واللبنانية وأعلام فصائل وحركات المقاومة، مطالبين بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ومحاسبة إسرائيل وقادتها على الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.
أمّا الفعالية الأبرز، فكانت في الاحتفال المركزي لحزب الله في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي تخلله خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقد أكّد السيد نصر الله على حتمية الرد الإيراني على الاعتداء الذي تعرّضت له القنصلية الإيرانية في دمشق. مشيراً إلى أهمية مرحلة ما بعد الرد الإيراني، وخيارات كيان الاحتلال التي ستحدد مسار التطورات، داعياً إلى أن تتحضّر كل الجبهات. وفي سياق متصل، أكّد السيد نصر الله على أن محور المقاومة وفي مقدمته المقاومة الفلسطينية، ذاهب إلى انتصار تاريخي وكبير في هذه المعركة، مع حتمية ذهاب «إسرائيل» الى الهزيمة الكبرى.
الأردن:
تظاهر المئات وسط العاصمة عمّان ومدن وقرى أردنية عدة، للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة، وللمطالبة بإسقاط اتفاقية وادي عربة ووقف العدوان الصهيوني، ومد جسر إغاثي لغزة لمواجهة سياسة التجويع الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. كما طالبوا بالإفراج عن معتقلي الرأي الموقوفين على خلفية المظاهرات المنددة بالعدوان «الإسرائيلي» على غزة.
المغرب
أحيا العديد من منظمات المجتمع المدني في المغرب يوم القدس العالمي بمسيرات حاشدة في العديد من الولايات المغربية. واكتسى الاحتفال بيوم القدس هذا العام خصوصية إذ يتزامن مع الهجمة الصهيونية والجرائم المتواصلة ضدّ الشعب الفلسطيني في غزّة، فكانت كلّ عناوين المسيرات الليلية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع مركزة بالأساس حول التضامن مع غزّة. ودعت الجبهة إلى مواصلة هذا الزخم الشعبي انطلاقًا من أن حرب الإبادة الجماعية المستعرة في قطاع غزّة، وسائر أجزاء الوطن الفلسطيني المحتل، المستمرة منذ ما يقارب الستة أشهر، والتي مست البشر والحجر، لم تتوقف بفعل شراكة الغرب الاستعماري بقيادة أميركا، وتواطؤ عدد من الأنظمة العربية والإسلامية، وتقاعس المجتمع الدولي، خاصة منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي.
في البحرين، خرجت تظاهرات إحياءً ليوم القدس العالمي غرب العاصمة المنامة، وكذلك انطلقت تظاهرة أخرى في الدراز من جامع الإمام الصادق.
وردد المتظاهرون البحرينيون الرافضون للعدوان االصهيوني، والمطالبون بإلغاء اتفافية تطبيع البحرين مع الكيان الصهيوني عدة عباراتٍ كان أبرزها: «بالروح بالدم نفديك يا أقصى» و«التطبيع خيانة».
في سلطنة عمان، تظاهر عمانيون بعد صلاة يوم الجمعة أمام السفارة الأميركية في العاصمة مسقط تضامناً مع غزّة والمقاومة، وإحياءً ليوم القدس العالمي، وتنديداً بالدعم الأميركي المستمر للكيان في عدوانه على قطاع غزّة.
في باكستان، انطلقت مسيرات شعبية في مختلف المدن إحياءً ليوم القدس العالمي، مطالبة بوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزّة.
وتظاهر مسلمو كشمير تضامناً مع غزّة ورفضاً للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.
في أندونيسيا، عُقدت فعاليات شعبية بمناسبة يوم القدس العالمي، دعماً لقطاع غزّة ورفضاً للعدوان الصهيوني عليه.
في ماليزيا، رفع المتظاهرون أعلام الحشد الشعبي وفصائل المقاومة خلال مسيرات حاشدة في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
وتظاهر الماليزيون إحياءً ليوم القدس العالمي رافعين أعلام فلسطين وعبارات تندّد بقتل الأطفال من قبل الاحتلال الصهيوني في قطاع غزّة.
وكذلك، خرجت تظاهرات شعبية حاشدة إحياءً ليوم القدس العالمي في ولاية «باوتشي» النيجيرية، إذ رفع المتظاهرون أعلام فلسطين وردّدوا هتافات «الموت لإسرائيل».