بعد الرد الإيراني على عدوان القنصلية في دمشق.. كيان الاحتلال في مأزق الرد على الرد، ما بين محاولة بائسة لترميم صورة الردع المتآكلة وخشيته من ضربة إيرانية، خاصة أن الأخيرة هددت أن أي اعتداء عليها سيقابل برد أشد وأقوى.
أقرّ وزير “الأمن” في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يوآف غالانت، الثلاثاء، بأنّ الإيرانيين هاجموهم بقوة عبر أكثر من 500 مقذوف، خلال الرد الإيراني قبل يومين.
كلام وزير “الأمن” في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، جاء خلال تفقده حالة عدداً من الجنود في مستشفى الجليل في “نهاريا”، الذين أُصيبوا خلال العمليات على الحدود الشمالية.
الإسرائيليون ينظرون بجدية إلى تهديدات إيران
هذا وقال معلق الشؤون العسكرية في القناة ” الـ 13″ الإسرائيلية، ألون بن ديفيد، إنّ التهديد الإيراني برد أقوى في حال أيّ هجوم إسرائيلي آخر يؤثر جداً على “إسرائيل” ويحتل جزء كبير من التفكير والاعتبارات، لافتاً إلى أنّ في “إسرائيل” ينظرون بجدية إلى تهديدات إيران وإلى استعداداتها.
وأضاف: “من الواضح للجميع أنه إذا ذهبنا إلى معركة مع إيران، فإنّنا سنخسر غزة”.
وتتعاقب اجتماعات “كابينت” الحرب منذ ليل السبت – الأحد، في محاولة لبحث “طبيعة الرد على الرد وموعده” ولكن دون نتيجة. واليوم تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن انتهاء اجتماع مجلس الوزراء الحـربي الإسـرائيلي، من دون اتخاذ قرار نهائي بشأن الرد على الرد الإيراني .
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي، قوله إنّ توجيه “ضربة انتقائية” كبيرة لإيران يتضاءل مع مرور الوقت.
وفي وقتٍ سابق من اليوم، ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم”، في تقرير، أنّ “الهجوم الليلي من إيران هو تذكير صارخ بفقدان الردع الاستراتيجي لإسرائيل والولايات المتحدة”، كما أنّه “خلق فرصةً لتغيير الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط”.
كما رأت الصحيفة أنّ النظام الإيراني الحالي “أسّس استراتيجية متطورة، ويحاول بصبر لا نهاية له، خلق واقع تصبح فيه علامة الاستفهام حول وجود إسرائيل حقيقية وليست مجرد نظرية”.
وفي السياق ذاته، قال محلل الشؤون العسكرية في “إسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، إنّه يجب أن نعترف بصراحة “إسرائيل” تجد صعوبة في تقدير طبيعة الرد الإيراني، لافتاً إلى أنّ الأيام التي تلت الهجوم الإيراني، تشكّل واقع استراتيجي معقد، يتطلب دراسة عميقة وينطوي على مخاطر لا يُستهان بها.
خيارات “إسرائيل”.. أحلاها مرّ
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، رأت أنّه ليس لدى “إسرائيل” خيارات جيدة بشأن إيران، محددة الخيارات المتاحة أمام “إسرائيل” بشأن إيران، ولخصتها في 4 احتمالات، كما يلي:
-أولاً: عدم القيام بأيّ شيء.
-ثانياً: العودة إلى الوضع السابق المتمثل في شن حرب غير مباشرة ضد إيران.
-ثالثاً: تنفيذ ضربة محدودة ضد أهداف عسكرية داخل إيران.
-رابعاً: تنفيذ عمليات انتقامية واسعة النطاق، بما في ذلك ضد المواقع النووية الإيرانية المعروفة.
واعتبرت الصحيفة أنّ عدم القيام بأيّ شيء أو حتى العودة إلى الحرب غير المباشرة السابقة له إيجابيات. فهو يسمح لـ “إسرائيل” بالتركيز على غزة وعودة الأسرى، ويمنع نشوب حرب أوسع نطاقاً جنباً إلى جنب مع تكاليفها الاقتصادية والعسكرية والبشرية، ويسترضي الأميركيين، ويتجنب أيّ إجراء من شأنه أن يزيد من تعقيد الوضع. لكنها في المقابل، فإنّ التراجع لن يرضي الإسرائيليين داخل وخارج الحكومة الذين أولويتهم هي استعادة الردع.
ومع ذلك، فإنّ مثل هذه الهجمات تنطوي على خطر دعوة إيران لمزيد من الضربات على “إسرائيل”. وفي الوقت نفسه، فإنّ مهاجمة المواقع النووية المعروفة في إيران سيُنظر إليه على نطاق واسع على أنه تصعيد كبير ويضع “إسرائيل” مرة أخرى في موقف دفاعي.
الخيارات الأقل سوءاً، والأكثر احتمالاً، بالنسبة لـ “إسرائيل”، التي ذكرتها الصحيفة، هي إمّا استئناف الحرب غير المباشرة ضد إيران أو تنفيذ ضربة محدودة ضد أهداف عسكرية داخل البلاد. ومن المفارقات، بحسب “فايننشال تايمز”، أن الخيار الأخير يفعل المزيد لاستعادة الردع، لكنه يزيد في الوقت نفسه من مخاطر وقوع هجمات إيرانية جديدة ودورة من التصعيد.
واعتبرت الصحيفة أنّه بغض النظر عن الخطوة التالية التي ستتخذها “إسرائيل”، فلا توجد طريقة لحل التحدي الاستراتيجي الذي تفرضه إيران.
وقال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إنّ الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكد مجدداً أنه لا يريد مزيداً من الحرب مع إيران، ولا اتساع الصراع أو تعميقه.
وفي سياقٍ متصل، ذكر موقع “أكسيوس” الأميركي أنّ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أبلغ مجموعةً من الزعماء اليهود الأميركيين أنّ مزيداً من التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو “إسرائيل”.
ولفت الموقع إلى أنّ “التقويم الأميركي هو أنّ إيران سترد على أي ضربة إسرائيلية كبيرة وعلنية على أراضيها، عبر هجمات جديدة بالصواريخ والمسيّرات”.
ونقل الموقع، عن مسؤول أميركي، قوله إنه “سيكون من الصعب صدّ مئات الصواريخ والمسيّرات الإيرانية”، مؤكداً أنّ “إسرائيل” تعرف ذلك.
وكان الموقع الأميركي أشار، في وقتٍ سابق، إلى أنّ بايدن أبلغ نتنياهو أنّ “الولايات المتحدة ستعارض أي هجوم مضاد إسرائيلي على إيران”، معبّراَ عن “قلقه البالغ” من أنّ الردّ الإسرائيلي على الهجوم الإيراني على “إسرائيل” سيؤدي إلى حرب إقليمية ذات “عواقب كارثية”.